تجد تجاهلا، من جانب معلقين، بشأن دور الاردن بخصوص القدس، وهؤلاء لايكلفون انفسهم التفكير لحظة واحدة، عما يفعله الاردن لاجل المسجد الاقصى من جهة، وعما يعنيه ايضا استقرار الاردن، للقدس وللحرم القدسي.
نحن هنا امام ثنائية مترابطة، اذ ان حماية الاردن للاقصى منعت الكثير من السيناريوهات الخطيرة التي تريد اسرائيل الوصول اليها، ، فالاردن بسبب علاقاته الدولية، اوقف اسرائيل في حالات كثيرة، عند حدودها، ولولا هذا الضغط، لاستفردت اسرائيل كليا بالاقصى.
علينا ان نتأمل فقط، الحقد الاسرائيلي بعد العملية الثلاثية، اذ ان بعضا من هذا الحقد، توجه الى الاردن مباشرة، من التعبيرات السياسية والاعلامية، التي تندد بالاردن في الاعلام الاسرائيلي، مرورا بما فعلته اسرائيل ضد الاوقاف الاردنية، حين اقتحمت الحرم القدسي، وطردت الموظفين التابعين للاردن اضافة الى حراس الاقصى، واعتقلت العشرات، وقامت بتفتيش المكاتب التابعة فعليا للاردن، وتحت رعايته.
اسرائيل تدرك اولا واخيرا، ان الاردن يقف في وجهها، لاعتبارات دولية تتعلق بالمعاهدة، وحق الاردن في رعاية المقدسات، وهذا يعني ان الاردن هو مظلة الحماية في ظل ضعف اغلب القوى الاخرى، في العالمين العربي والاسلامي، ولدينا ادلة على ان اسرائيل تتمنى اليوم، لو تتخلص من حق الاردن في رعاية المقدسات، وهو حق يسبب لها، اشكالات كثيرة، في ظل مراعاة قوى دولية لحسابات الاردن، وضغطها ايضا على الاحتلال، لتجنب استثارة الاردن الرسمي، او التسبب باضرار له على مستوى ملف القدس.
لابد هنا، ان لاننكر ان الضغط من جانب اهل القدس، يلعب دورا اساسيا في كبح اسرائيل ايضا، واليوم الجمعة هو يوم للغضب، وقد راينا كيف روّع الاحتلال اهل القدس، خلال الايام الماضية، وكيف تصرف اهل القدس، ضد الاحتلال، عبر تلك الوقفات والمسيرات، المتوقع لها، ان تتعاظم، خصوصا، اليوم الجمعة، وبلاشك هنا، ان مابين الادارة السياسية للاردن، لملف الاقصى، من جهة، ورد فعل الناس داخل القدس، من جهة اخرى، ترابط آخر، سيجعل اسرائيل في وارد التراجع عن سياساتها، خشية من انفجار الاوضاع، على مستويات اخرى.
الجانب الثاني، ان هناك ترابطا بين ملف الاقصى، والاوضاع داخل الاردن، اذ ان بعضنا ينزع الى اعتبار العلاقة الاردنية الاسرائيلية علاقة استراتيجية، وان الطرفين ينسقان معا، ولايعنيهما الاقصى، وهذا الكلام يحمل تجريحا تأسس على كراهية مسبقة، للاردن، وهذا يقول ان اسرائيل قد لاتكون مهتمة اساسا باستقرار الاوضاع في الاردن، وتتمنى لو تنفلت الاوضاع، من اجل ان تستفرد بالمسجد الاقصى، وتنفذ مخططاتها النهائية، دون وجود طرف يمارس الوصاية الدينية، وهذه الحماية.
مالايعرفه كثيرون، انه برغم العلاقات بين الاردن واسرائيل، الا ان اسرائيل معنية بأن يبقى الاردن ضعيفا، وهشا، وواقفا على الحافة، لاعتبارات تتعلق بوضع الضفة الغربية والقدس، وملف الحرم القدسي، وهنا نتحدث بصراحة، فأن اسرائيل في لحظة مان تتمنى انهيار الاوضاع في الاردن، لغايات اكمال مشروعها، وبالتحديد في الحرم القدسي، وهذا يقول إن على الجميع عدم التورط في تصغير الدور الاردني، والتنبه الى ان الاردن هو الطرف الذي يقف في وجه اسرائيل بخصوص المسجد الاقصى.
في عشرات الحوادث السابقة، منع الاردن مواجهات كبرى، داخل القدس، لكن الاردن لاعتبارات تتعلق بطريقة صياغة هويته السياسية، لايتاجر بهكذا اتصالات ومواقف، لكن المؤكد ان الحرم القدسي، بفضل الله اولا، ثم بما يفعله الاردن، دون اشهار، في حالات كثيرة، بقي آمنا، حتى يومنا هذا، وسيبقى كذلك، مادام الاردن من جهة، والسوار الشعبي المحيط بالقدس في الداخل، يتكاملان معا، في حماية الاقصى.
دور الاردن، يتجاوز ترميم المساجد، والانفاق المالي على موظفي الحرم القدسي، وعلينا فقط ان نتخيل مالذي يمكن ان يحدث، لو لم يكن الاردن وصيا على الاقصى؟!.
maherabutair@gmail.com
الدستور