ليس ثمة شك ان السيدة فيروز استشرفت المستقبل البعيد للامة، فحذرت منذ عقود طويلة ان الغضب الساطع آت، فهي تغني بما ينطق به اﻻحساس ، خلافا لما يمارسه بعض رجال السياسة من التمويه و التفلت في مواقف اﻻزمات، والمواربة و المواراة من مواجهة الواقع بالواقع ، املا في تحقق ما ﻻ يمكن ، و البقاء في دائرة الحوامة، والحفاظ على دور الساقية و هي تدور حول نفسها تسقي الجمع من حولها و تنتظر شفقة المحيطين بها ليرووا عطشها.
بيد ان رهان السيدة فيروز و هي تستشرف المستقبل لم تصل الى مرحلة النضوج و الكمال ، و مشكلتها الحقيقية في ذلك الإخفاق ، انها ككثير من رجال السياسة لم تعي الحاضر و لم تتزود بتجارب الماضي ، وهي بذلك و بحكم عروبتها انتصرت العاطفة لديها على العقل و المنطق ، لم تدرك اننا لا نملك الا اﻻصوات للرد على الطلقات . فردود افعالنا لا تتجاوز مسيرات شعبية تزمجر و تتوعد ، و حكومات تشجب و تستنكر ، و ادانة واستهجان ، و كل ذلك ما زاد اﻻمة اﻻ ارهاقا و هوانا ، و زاد العدو تغطرسا و جبروتا.
انزيمات العاطفة و العواطف و التعاطف الادرينالية ترتفع لدينا وقت الازمات ، اما الدماغ او العقل و العقلانية فهي في ثبات ، وبذلك يصبح الملاذ الامن للامة التوجه لله بالدعاء بان يدمر اعداءنا و ان يمكننا من نسائهم سبايا ، و من شبابهم اسارى ، على اعتقاد ان ذلك اضعف الايمان .
آن الاون لان نغلب صوت العقل و المنطق على صوت العاطفة ، فالمؤامرات التي تحيطنا كبيرة و كثيرة ، و الساعون لتمريرها لا يألون في الله و لا فينا الا و لا ذمة ، فلنكن بمستوى الوعي و الحرص الذي يحتمه علينا شرف انتمائنا و ولائنا لهذا الوطن ، حفاظا على ما تبقى من كرامة امة تبعثرت اركانها ، و ارض تمزقت اوصالها ، فأردننا ارض الحشد و الرباط.