الأردن: تعزيز الصمود الفلسطيني أولوية ..
رجا طلب
29-12-2008 09:44 PM
الاردن وبحكم عاملي التاريخ والجغرافيا هو الاقرب بكل شيء الى معاناة الشعب الفلسطيني وقضيته، والاردن كان الاكثر تحسسا لمأساة العدوان الاسرائيلي على غزة، ولانه كذلك فان الجهد الاردني ممثلا بمبادرات جلالة الملك كان على الدوام منصبا من اجل تخفيف المعاناة الفلسطينية وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني فوق ارضه بكل الوسائل المتاحة بالاضافة الى وقف التدهور في الحالة الفلسطينية الداخلية، لابقاء العامل الفلسطيني الداخلي صحيا وناضجا لاكمال مسيرة الحل السياسي والابتعاد عن الخيارات المغامرة غير الواقعية التي تزيد من معاناة الشعب الفلسطيني وتطيلها.
فمنذ اللحظة الأولى للعدوان طالب جلالة الملك بشدة بالوقف الفوري للعدوان الاسرائيلي على غزة ودعا وفي اتصالات مباشرة مع عدد من الزعماء العرب والاجانب الى تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية والاخلاقية تجاه ما يجرى في غزة، وقام جلالته بتوظيف علاقاته المتميزة مع قادة العالم لإنهاء العدوان الاسرائيلي على شعبنا الفلسطيني، فالاردن يدرك ان المطلوب الان وبأسرع وقت هو وقف العدوان الذي يزيد من معاناة اخوتنا في القطاع فوق معاناتهم من الحصار والجوع، كما يدرك ان التركيز على تقديم الدعم بكل اشكاله لهذا الشعب هو العنوان الصحيح لتعزيز صموده فوق ارضه.
ان الدعوات غير الواقعية التي أخذت تصدر من هنا وهناك نتيجة حالة الغضب العامة يجب ان لا تجعلنا نخلط بين ما هو صواب فعله لصالح اشقائنا في فلسطين بصورة عامة وفي غزة بصورة خاصة وبين مصالحنا العليا كدولة وامكاناتها وثوابتها ويجب ان لا تدفعنا حالة الهياج العاطفي نحو خيارات سياسية ليست في صالحنا او حتى في صالح الشعب الفلسطيني، ولذلك يمارس الاردن دوره بمنتهي الحرص والمسؤولية على اكثر من جبهة، جبهته الداخلية ومسؤولياته تجاهها ومسؤولياته تجاه الاشقاء الفلسطينيين، ومسؤولياته تجاه التزاماته القانونية ؟ الدولية، فالصعود الى لغة الشعارات النارية والرنانة مسألة سهلة، لكن تطبيق او تنفيذ هذه الشعارات مسألة قد تكون مكلفة كثيرا وكثيرا جدا، ولان الاردن دولة جبلت على المصداقية واقران القول بالفعل والسلوك العقلاني والواقعي فهي لم ولن تستغل حالة الهياج العاطفي في الذهاب كما يحلو للبعض ان يفعل في اختراع المزايدات السياسية او العاطفية او تجميل المغامرات وتصويرها على انها بطولة.
ان وصفة الحل الاردنية في هذه اللحظات العصيبة تتمثل اولا وقبل كل شيء في وقف العدوان الاسرائيلي، ثم العمل بكل الطرق على اعادة بناء التهدئة بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية، ثم مواصلة الجهد العربي من اجل انجاز المصالحة الفلسطينية والحفاظ على الشرعية الفلسطينية من اجل اعادة الاعتبار للعامل الفلسطيني كعامل قوة في عملية التفاوض السياسي مع اسرائيل للوصول الى حل الدولتين، هذه هي وصفة الحل الاردنية وهي في تقديري الوصفة التي تحظى بتأييد الاغلبية العظمى من الدول العربية.
لقد انصب الجهد الدبلوماسي الاردني كان منذ اكثر من عامين وتحديدا منذ بدء حالة الخلاف الفلسطيني ؟ الفلسطيني على حماية المسيرة النضالية الفلسطينية والمتمثلة بالشرعية الفلسطينية ووحدة الصف الفلسطيني وكرست ومعها جهود عربية اخرى كمصر والسعودية العمل من اجل حماية الوحدة الوطنية الفلسطينية ومنع الاقتتال الفلسطيني ؟ الفلسطيني وكان اتفاق مكة عنوان هذا الجهد، غير ان التجاذبات الاقليمية وتاثيراتها على الحالة الفلسطينية افشلت هذا الجهد العربي، ونجحت في دفع الحالة الفلسطينية الى ما وصلت اليه من تحريك بعض اطراف هذه الحالة نحو تنفيذ اجندات ليست في صالح القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
وفي استمرار لهذا الجهد الاردني الحريص على حماية الشرعية الفلسطينية، جاءت زيارة وزير الخارجية الاردني الدكتور صلاح البشير الى رام الله ونقل رسالة من جلالة الملك للرئيس الفلسطيني تؤكد على استمرار الاردن في بذل كل جهد ممكن لدعم الشعب الفلسطيني ولتمكينه من الحصول على حقوقه المشروعة خصوصا حقه في اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
والتأكيد على دعم الاردن للسلطة الوطنية الفلسطينية والرئيس عباس والوقوف الى جانبهم في سعيهم لتحقيق الاهداف الوطنية للشعب الفلسطيني.
هذه الرسالة الى نقلت للرئيس عباس في رام الله واضحة المضمون وواضحة المعنى، فالاردن يدرك ان أي زعزعة لشرعية موقع الرئاسة بالسلطة الفلسطينية، سيكون بوابة اخرى من ابواب جهنم على الحالة الفلسطينية وسيكون كارثة حقيقية بحق القضية الفلسطينية ستزيد من تعقيداتها وستدخلها متاهات كبرى ستصب بصورة مجانية في صالح اسرائيل، لذلك فان الرؤية الواقعية للاردن تعمل على المواءمة بين الحفاظ على الشرعية الفلسطينية واستمرار دعم الصمود الفلسطيني سياسيا وماديا فوق الارض الفلسطينية، والعمل على تحقيق المصالحة الفلسطينية واستمرار مسيرة الحل السياسي، انها المعادلة الوحيدة القادرة على انقاذ القضية من متاهة آلة الحرب الإسرائيلية ومن متاهة المزايدات الإقليمية التي تريد اللعب على القضية والاستفادة منها.
rajatalab@hotmail.com
الراي.