مررتُ صدفة بجوار مدرسة للبنات ، فهالني أسماء البنات المكتوبة على الحيطان : ياسمين ، سناء ، نبال ... أسماء كُتبتْ بدهان وألوان مختلفة ، ولربما على عجل وبخطّ مائل يشبه حظ كاتبه ..!!
هل يا ترى مرّتْ "ياسمين " وقرأت اسمها ، وضحكت بسّرها ، أم كانت مشغولة بواجب الرياضيات الذي لم تحلّه ، أو ربما كانتّ متأخرة عن طابور الصباح ..
أي حبّ مرسوم على الحيطان ، كُتب على عجل ، وشوّه بأسماء " المحبوبات " دهان أسوار مدارس البنات ..وأي حبّ تتركه لها على الحائط وهي تنتظر رسالة على تلفونها الذكي ..
أين قدسيّة رسائل الورق ، وكلمات قلم الرصاص الممحي ، والأسماء المحفورة على الصخرة بجانب الطريق ، أو على شجرة كنّا ننتظر عندها باص الصباح ... أين رسائل العيون وسرقة النظرات منهنّ وهنّ يهربنّ من أول العشق إذ ينمو في دروب القرية ، ويغيب الكلام عند السلام.
غابتْ الرسائل ، وغاب كاتبوها ، وكبرتْ الصبايا وابتلعتهم الحياة بتفاصيلها وهمومها، حتى الذاكرة لم تعد تتسع ، وغاب الورق أيضا ، وغاب معه الحب البسيط المزّنر بالخجل ، ومهما ظهر من تكنولوجيا ورسائل إلكترونية وحيطان عالية ، وحب متاح مجاني ، لكن ما زلنا نشتاق لفاطمة ، وخديجة ، ومريم اللواتي سكنّ رسائلنا الورقيّة عندما "تعطّلتْ لغة الكلام" .