بعد مضي اكثر من نصف قرن على المجازر وسفك الدماء يتجدد عرض المسرحية يوم امس في غزة الحبيبة،بالرغم اننا نسمع يوميا سفك الدماء من قتل للاطفال واقتحام للحرمات الى الحد الذي اصبحت فيه النشرة التي تخلو من الموت نشرة نادرة في هذا الزمان فلا خبر بلا دماء فالدم والموت اصبحا موسيقا حياتنا وبالرغم اننا نستمع الى مثل هذه الاخبار منذ وجود الاستعمار في ارجاء البلاد العربية الا اننا لم نتحرك لنفعل شئ سواء البكاء والحسرة على فقدان الوطن والاعزاء.
في ظل هذه الظروف فان الصورة التي تنشر في الفضائيات تلعب دورا كبيرا في تحريك المشاعر فقط المشاعر فنحن امة لا نملك سوى المشاعر فالافعال نتركها لغيرنا، فاقصى ردود افعالنا تأتي على شكل واحد الآ وهو المسيرة او المظاهرة احتجاجا لما يفعله العدو فينا وهنا يفرح العدو ويمارس طقوسه الاحتفالية فهو يعشق اشكالنا ونحن نصرخ في المسيرات ونحمل الشعارات فنحن نفرغ طاقاتنا السلبية على شكل صراخ لم ينتهي منذ الصرخة الاولى فلا شئ مجدي في هذه التحركات والتراهات، فالعالم اجمع على مدى قسوة اليهود ولكن ما اهمية هذا الاجماع ان ظل كلاما في الهواء.
فلن يغير حالة فلسطين وحالة غزة بالاخص الا اذا اتفقت اطرافها الداخلية المتنازعة فالوحدة الوطنية هي الحل للوصول الى بنيان قوي داخلي يخافه العدو او بالاحرى يحسب له حساب، اما الان فالعدو يقتنص هذه الخلخلة في البنيان ليحقق مآربه كما يشاء وليجدد انتصاراته احتفالا في السنة الجديدة فيريد ان تكون(2008 ) سنة من السنوات التي ختامها مسك بالنسبة لكيانه العظيم! فكم من الجميل ان نعمل على جرد انتصاراتناوخسائرنا لنجد اننا دوما خاسرين فالفوز لم يجد له طريق في خططنا فحتى انتصاراتنا فهي انتصارات يخطط لها العدو ليستخدمها فيما بعد .
كفى كفى لقد سئمت هذه الانهزامية التي نحن نصنعها ونحلق بها فكم من القمم التي عقدت وكم من الشعارات التي رفعت ولا شئ تحقق اوانجز فحتى شعور الملل لم يراودنا فشعارات هذه السنة هي نفسها شعارات صلاح الدين .
فبعد تفكير عميق توصلت ما هي خطة العرب من الممكن نعم من الممكن اننا ننتظر قرنا كاملا لتحقيق المعجزة فنحن نحب ان تكون انتصاراتنا تاج يتوج القرن الجديد.
فلنعلق آمالنا على القرن الجديد ولنحشد ملابسنا الاحتفالية وتراثنا كي نحتفل بالانجاز الذي حققناه فهذا الحلم لن ولم يعد حلما فنحن للمرة الاولى في تاريخنا قررنا وفعلنا على دحر عدونا فلم يبقى من الزمن الا القليل ان كان هذا فعلا ما يريد ان ينجزه العرب !!