لزيادة منسوب السلطة توسعت الحكومة في منح صلاحية الضابطة العدلية لجهات رقابية وغير رقابية دون مبرر هو «إكثار لجلادين لـ «كبش واحد».
قبل الضابطة العدلية ينبغي رفع سوية الأداء وزيادة منسوب التقيد بالأنظمة والقوانين وتمتين وسائل الرقابة.
الإنتقادات للأداء الحكومي كانت بإستمرار تسترعي الإنتباه ويأخذها رؤساء الوزراء حجة على الوزراء وبدورهم ينالون بها من كبار المدراء والأمناء العامين وهكذا، يغرق الجميع في دوامة تبادل الملامة فيما تتزايد التجاوزات .
ليس هناك حالة معينة في ذهن الكاتب، لكن كل طالع شمس يأتي إلينا بعشرات الروايات غير الموثقة، وكلها تقود الى دلائل عن تشكل ما يسمى بلوبيات في داخل كل وزارة ومؤسسة مهمتها تعطيل مصالح الناس وتغليب أخرى لأهداف لا تخدم سوى ضياع الفرص وتعميق البيروقراطية والترهل.
التنظير عن بعد هو غير الدخول في دهاليز آليات العمل الحكومي وهو غير الإقتراب من أعشاش البيروقراطية والترهل والفساد المخبأ في دفاتر القوانين والأنظمة والتعليمات التي يتم تكييفها ببراعة حتى أعتى الوزراء لا يستطيعون التصدي لها ولو أن وزيرا قرر فتح الباب للشكاوى لتلقى المئات وهي إن حملت في ثنايا بعضها تسويفا ومبالغة لكن ذلك لا يمنع وجود أساس لها .
كنا ننتقد الأداء الحكومي في إنجاز المعاملات والخدمة وتضييع الفرص وإرهاق المواطن، فسمعنا وعدد من الزملاء في « الرأي « من رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي وصفا أكثر حدية لـ «الترهل» البيروقراطي بإجراءاته المعقدة، الذي لا يعطل الخدمة المطلوبة للمواطنين فحسب بل يؤشر على فساد إداري صغير منتشر وهو أسوأ كثيرا من الفساد الكبير لصعوبة اجتثاثه».
الفساد الكبير واضح، لكن المشكلة الأخطر هي في الفساد الصغير الذي يتسرب مثل بكتيريا قاتلة تلوث الدم في الجسد.
طبعا هذه القناعة لا يمكن أن تترجم بإجراءات مضادة ليصبح الجهاز الحكومي مرنا سريعا خلال شهور، لكن يكفي أن يتم وضع القواعد للبناء عليها مستقبلا، لفك شيفرة الترهل وحلحلة عقدة البيروقراطية وهي العقدة التي حبكتها سنوات من تراكم التعليمات والأنظمة والقوانين الإدارية الساكنة والجامدة .
لوبيات القطاع الخاص فاعلة ومؤثرة يقابلها لوبيات في القطاع العام أكثر تأثيرا وفتكا.
هذا ليس جلدا للذات بل إعتراف ينذر ببدء حل المشكلة بدلا من تجميل هذا الفساد الصغير بالبيروقراطية، فليس صحيحا أن البيروقراطية هي التي حمت الإدارة الأردنية من الفساد والحقيقة هي أن البيروقراطية هي التي وفرت بيئة مناسبة للفساد .
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي