تراجيديا مسجد السلط الكبير ..
على الرئيس أن يتدخل
موسى الصبيحي
28-12-2008 11:57 PM
مرّ مسجد السلط الكبير الواقع في ساحة وسط المدينة التاريخية العريقة بحقبات عصيبة، فالمسجد القديم الذي كان يعود إلى بدايات القرن الماضي، تم هدمه قبل حوالي ثلاثة عقود، وبناء آخر مكانه بمواصفات رديئة للغاية وبطراز إنشائي ضعيف وبدون أي مظهر جمالي، ومنذ ذلك الوقت والمسجد يتعرض لأعمال صيانة وترميم بين فترة وأخرى، وعيوب البناء تتكشف يوماً بعد يوم..ولا حياة لمن تنادي..!!
المسجد القديم كان مبنياً من الحجر الأصفر، وبأسلوب معماري تراثي جميل، متماشياً مع أشكال البناء التي كانت قائمة في السلط في ذلك الوقت والتي لا يزال بعضها قائماً إلى اليوم، ولا ندري منْ هو ذلك العبقري "المجدّد" الذي أشار بهدمه وبناء آخر حديث مكانه، ويا ليتهم ما فعلوا.. فالغش الذي تم به بناء المسجد القائم حالياً فاق كل الحدود والتصورات، وأوضاع المسجد اليوم ليست أفضل مما كانت عليه، بل ربما كانت أسوأ بكثير على الرغم من أعمال التأهيل والترميم التي أجريت عليه، فلا الشكل الخارجي للمسجد مقبول، ولا الوضع الداخلي له سليم ومريح، حتى بات الكثيرون يعزفون عن الصلاة فيه، فمنْ المسؤول ولماذا حصل ما حصل.. لا أحد يجرؤ على الإجابة، ولا أحد يحاسب..!!
في هذه الأيام سمعنا أنه تقرر إجراء إعادة تأهيل للمسجد (صيانة وترميم من الخارج)، وسمعنا برصد مليون وثلاثمائة ألف دينار لأعمال الترميم، من ضمن موازنة مشروع تطوير وصيانة وسط المدينة ومناطقها وبيوتها وأسواقها القديمة"المشروع الياباني"، فإذا كان ذلك صحيحاً، فإن السؤآل المطروح: لماذا لا يتم إعادة بناء المسجد من جديد كلياً على ذات الطراز القديم الذي أنشىء عليه مطلع القرن الماضي..؟؟!
إننا ندعو إلى الكفّ عن الاجتهادات الخاطئة التي اجترحتها عقول لم تكن تدرك أهمية المحافظة على التراث، ناهيك عن أعمال الغش الصارخة التي تعرض لها المسجد أثناء البناء، وبعده ما أدىّ إلى بروز الكثير من العيوب، التي لم تسعف كل أعمال الصيانة التي تمّت حتى الآن في معالجتها وإصلاحها على مدى أكثر من ثلاثين عاماًً..!!
الآن وقد فطن المخططون في السلط إلى أهمية الأبنية التراثية، وضرورة المحافظة عليها وترميمها، حيث أنجز المشروع الياباني جزءاً مهماً من أعمال الترميم هذه، بدءاً بشارع الحمّام المعروف، وانتهاءاً ببعض البيوت الشهيرة في وسط الساحة ومنطقة السرايا، التي مع الأسف هُدّمت الكثير من مبانيها القديمة بدم بارد..!!
الآن وتماشياً مع هذا المشروع الريادي للسلط، ندعو رئيس الوزراء بأن يتدخل هذه المرة ويثأر لبيت من بيوت الله بأن يوقف الغش في بناء وترميم أقدم مساجد السلط وأكبرها، وأكثرها عراقة، وبأن يوعز بإعادة بناء المسجد على ذات طرازه المعماري القديم وبالحجر الأصفر الشهير، بدلاً من صرف المبالغ الكثيرة على أعمال الترميم والصيانة وما يسمى بإعادة التأهيل التي لم تعد تجدي أبداً لضخامة حالة الغش التي تعرض لها المسجد منذ أن تم بناؤه أواخر السبعينيات من القرن الفائت، فمن ينطلق من المسجد الحالي باتجاه شارع الحمّام بمسافة تقل عن مائتي متر يصاب بالدهشة حيث مسجد السلط الصغير ما زال قائماً بقامته التراثية القديمة وبنائه المعماري الرائع الجميل من الداخل والخارج، حتى غدا أحد أهم معالم وسط المدينة القديمة.. فلماذا لم نشهد ذلك للمسجد الكبير، علماً بأن منطقته أجمل وأكثر تراثية وأهمية من موقع المسجد الصغير.. سؤال سوف يظل يلح، وسوف نظل نواجه اللاإجابة، لأن ثمّة أشياء يخافها البعض، وتحتاج إلى تحقيق لمعرفة أسرارها..
نضع الموضوع برمته الآن أمام دولة رئيس الوزراء، ونحن متأكدون بأنه لن يخذل بيتاً من بيوت الله يستصرخه بقوة اليوم، كما لن يخذل أبناء السلط الذين هزّهم ما فعلوه بمسجدهم الكبير طيلة الثلاثين عاماً الماضية.. وندعو الرئيس أن يتدخل فوراً ويأمر بالمخصصات اللازمة لإعادة بناء مسجد السلط القديم بشكله القديم وحلته التراثية الرائعة..