دائما كان لنا فخر السبق. ملكًا وحكومةً ونوابا وشعبًا. وكيف لا نكون، والأقصى على بعد شريان واحد من عمان.
أمس، كان العبدلي ينبض عزّا. وكنّا ننظر إليه فخورين. أمس قال مجلس النواب ما نريد قوله عن المسجد المحتل.
مؤلم أن تُترك الارض المقدسة وحدها. ومؤلم ألا يُسمع سوانا -نحن الاردنيين -يصرخ: إن الاقصى في خطر. ومؤلم ان لا نجد غيرنا ينادي: يا عرب.
نحن اول من نتوجع للمسجد، وآخر من ينشغل عنه، وكيف ننشغل. وهو لجبال عمّان سفحها، ولسمائها شعاع النور.
كنا هناك، وسنبقى، راية هاشمية تطل على مقدّسه.
صحيح أن دخانا يحول دونه، لكن من قال إن الدخان باقٍ. الدخان في الأقصى يمكث ساعة، لكنه لا يستقر. نَسْعُل منه اختناقا، نريده أن ينقشع سريعا، وسينقشع، ولو بعد حين.
هو الأقصى، هواء مشبع بالأكسجين لرئتنا الأردنية. هو الهوى، وهو الوجهة الأولى، والقِبلة الاولى، وملامحنا الأولى. هو المسجد الذي استشهد على عتباته مليكنا.
هو الأقصى، نحن. أو نحن هو، لا فرق، كيف يكون نكون، فإذا ما مرض توجعنا. ومن عادات الأقصى ألا يمرض سوى ساعة. ساعة ثم يقوم.
يقول الخبر إن سادنات الأقصى يبكين من وجع. ويقول الخبر إن جبالا حول القدس فزعت ظهر الجمعة. فقد مرّ الظهر ولم تسمع صوت الاذان.
أمس أُعتدي على سادنات قلوبنا، خادمات الأقصى. نساء الطهر والعفاف.
أمس راح جنود مدججين بالحقد يمرّغون وجعنا بالتراب. وأمس تسمّرنا أمام مشاهد اعتداء المحتلين على أخواتنا على بعد متر من الاقصى.
عندما تحدّق في الصورة. صورة جنود يغلقون الباب الاخضر للأقصى، ويمنعون الروح لتدخل الى جسدها.
وعندما تشاهد بنادق الاحتلال تطارد شبّانا في أزقة القدس القديمة، لا يريدون سوى سجدة على تراب الاقصى.
وعندما يندفع عشرات الجنود نحو مسلمة تبكي، ولا تريد سوى أن تعطّر رئتها برائحة الاقصى. قل عندها، إن الخطب جلل. وإن القادم خطر.