الأردن ونظامه يستحقان حكومات أفضل
د. عاكف الزعبي
17-07-2017 12:25 PM
تشكيل الحكومة من بين اهم القرارات التي يتخذها صانع القرار نظراً لدور الحكومة الحاسم في ادارة كافة شؤون البلاد عليه يتوقف كفاءة وانسجام وتعاون الفريق الوزاري وقدرة الرئيس على قيادة الفريق وتمكينه من التنسيق بين الوزراء، لكنه بات من الواضح تماماً خصوصاً مع الظروف الاستثنائية في الفترة الاخيرة ان الطريقة التي يتم بها تشكيل الحكومة في الاردن باتت لا تعكس الاهتمام الكافي الذي يرتقي لأهمية دور الحكومة ويليق بمسؤولياتها الكبيرة.
لم تعد طريقة تشكيل الحكومة في الاردن مقنعه لمعظم المواطنين والمؤسسات المدنية والناشطين في العمل العام واهل الاختصاص . وقد استمرت على حالها منذ عقود في ظل صعوبة استجماع الإرادة وعدم اهلية الواقع المؤسسي لتشكيل حكومات برلمانيه. وقد بادر جلالة الملك لتطويرها عندما طلب من مجلس النواب المشاركة في تسمية رئيس الوزراء الا ان المجلس أخفق في الاستجابة لمبادرة جلالته بسبب بنيته الفردية وشكلية كتله. ومن الواجب على الجميع احتضان ما انطوت عليه مبادرة جلالته من توجه للتغيير خصوصاً بعد اوراقه النقاشية التي تقدم بها لتقود التغيير الذي ننشده جميعاً .
جملة انتقادات توجه الطريقة تشكيل الحكومات ابرزها اطلاق يد الرئيس المكلف بالتشكيل في اغلب الاحيان ، وغياب المؤسسية والقواعد المحددة عن المساعدات التي تقدم له في اختيار فريق حكومته ، وعدم وجود وحده اداريه لدى احدى مؤسسات الدولة المعنية تمتلك قاعدة بيانات للكفاءات المؤهلة لإشغال القيادات الحكومية العليا يمكن الاستعانة بها عند الحاجه ، وعدم كفاية الوقت المتاح لتشكيل الحكومة ، والتدخل المربك للتوازنات التقليدية الخاصة بالأصول والمناطق وغيرها التي تزيد المشهد ارباكاً ، يضاف الى ذلك التدخلات غير المبررة من قبل بعض اصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي . وهكذا ينتهي التشكيل الى حصر قائمة المرشحين بين معارف الرئيس المكلف، ومعارف من يقدمون له العون في التشكيل بطلب منه او بغير طلب ومن ضمنهم المتدخلين من اصحاب النفوذ. وفي ضوء محدودية الوقت امام التشكيل يتم الاسراع بالتشكيل على حساب جودة وكفاءة الفريق الوزاري مما يؤدي الى اللجوء السريع والمتعدد للتعديل على الحكومة .
ندرك تماماً ان الوقت لا يزال طويلاً امام تغيير جذري لنهج تشكيل الحكومة في ظل غياب الاحزاب عن مجلس النواب وعدم استعداد مجلس النواب في وضعه الحالي للإسهام في انتاج حكومات برلمانيه يشترك فيها النواب او يختارونها او حتى يشتركون في مشاورات تشكيلها. ولذلك لا بد من الارتقاء بطريقة التشكيل التقليدية تدريجياً للحصول على حكومات بفريق وزاري اكثر كفاءة واكثر انسجاماً وتعاوناً وتماسكاً وبما يكفي لتحسين اداء الحكومة في ادارة شؤون البلاد وتجاوز الاخطاء التي اعتادت ان تقع فيها كثير من الحكومات شكلية كانت او اداريه او قانونيه او اتصاليه وكانت ولا تزال تؤدي الى تراجع مستوى الحكومة في نظر المواطنين .
من اجل تحسين طريقة التشكيل فان من المناسب ان لا يترك الرئيس المكلف وحيداً في اختيار الوزراء على ان يكون شريكاً في فريق يتولى القيام بمهمة التشكيل ، ويكون له حق الاضافة او الاعتراض المبرر على المرشحين . وان يعهد لوحدة اداريه في احدى الجهات ذات العلاقة اعداد قاعدة بيانات خاصه تتضمن اسماء ومؤهلات قيادات الصف الاول والثاني في الحكومة والقطاع الخاص والمسؤولين السابقين بشكل دائم تمكنها من تقديم قوائم طويله واخرى مختصره للفريق الذي يتولى الاشراف على التشكيل الحكومي. على ان يتاح وقت اطول للتشكيل إذا تطلب الامر ذلك حتى لا يكون الوقت ضاغطاً على حساب حسن الاختيار. ومن الضروري ان تستحدث الحكومة تقليداً رسمياً تتولى بموجبه فور تشكيلها نشر كافة المعلومات المعززة لاختيار الوزراء كالتحصيل العلمي للوزير والتميز فيه ان توفر ، وخبراته العملية ، ونجاحاته في اعماله السابقة ، ومشاركاته ونشاطاته الاجتماعية والمهنية والمدنية والسياسية ، وكل ما يبرز قدراته القيادية والإدارية ومهاراته الاتصالية وامتلاكه للرؤية العامة.
قد يكون بعضاً او كثيراً مما ذكرناه معمول به في الطريقة الحالية للتشكيل ، الا انها تفتقر الى المأسسة والعمل بموجب آليه ذات قواعد محدده توفر لها الديمومة وتؤهلها لمزيد من التطوير المتدرج الى ان يتم الانتقال الى تغيير في نهج تشكيل الحكومات وليس في طريقة تشكيلها وحسب .
وطالما ان أياً من المؤسسات الرسمية المعنية لم تتحرك لمتابعة مبادرة جلالة الملك للتطوير المطلوب على اهميته الحاسمة، وتبعتها في ذلك مؤسسات المجتمع المدني ، والمؤسسات الإعلامية، ومراكز الدراسات على قلتها ، فان الامل يبقى معقوداً مرة اخرى على رأس الدولة ، فلدينا طموح دائم ان يحلق بنا في قيادة الشأن الداخلي على نحو ما يحلق بنا في قيادته للشأن الخارجي.