جهود عربية لتقويض الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس
د. عبدالله صوالحة
16-07-2017 06:12 PM
تشير الاحداث الاخيرة في مدينة القدس الى العمل المنسق من قبل اطراف متعددة للعمل على تقويض الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، يدور الحديث هنا عن ثلاثة محاور يتم من خلالها تحدي السياسة الخارجية الاردنية تجاه القدس والهدف النهائي لهذه المحاور هو سحب يد الاردن من ملف القدس بشكل عام ومن دوره الرعوي للمقدسات لصالح اطراف (داخلية فلسطينية-عربية شقيقة- اسلامية صديقة).
تتمثل هذه المحاور في :
1- العمل على تأزيم العلاقات الاردنية الاسرائيلية ودفعها الى مستويات غير مسبوقة من التصعيد تضطر من خلالها السياسة الخارجية الاردنية مدفوعة بضغط الرأي العام المحلي الى اتخاذ خطوات خارج دائرة المألوف في الهجوم والنقد اللاذع لإسرائيل كما ايضا اتخاذ اجراءات دبلوماسية ضد اسرائيل تمهد الطريق امام اسرائيل لتبني سياسة اكثر تشددا تجاه المقدسات وبالتالي حرمان الاردن من لعب دوره الطبيعي في هذا السياق.
2- العمل على تغيير الوضع الراهن المتعارف علية بين الاردن واسرائيل والسلطة الفلسطينية والمستقر والمثبت في معاهدة السلام الاردنية-الاسرائيلية، والاتفاقية الموقعة بين الرئيس محمود عباس وجلالة الملك عبدالله وكذلك الاتفاق الشفوي المتبلور عن الاجتماع الذي ضم رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الخارجية جون كيري وجلالة الملك عبدالله في عمان 2014.وكل هذه الاتفاقيات تكرس الوصاية الهاشمية على المقدسات، (السماح فقط للمسلمين في الصلاة في الحرم القدسي.)هذا الوضع الذي يعمل لصالح الاردن الان يراد له ان يتبدل وان يتغير وللأسف هو مسعى اليمين الاسرائيلي كما هو مسعى جهات عربية واسلامية.
3- تفعيل وتكريس الحضور غير الاردني داخل مدينة القدس بشكل عام وداخل الحرم القدسي بشكل خاص ونحن نقصد هنا الحضور التركي الذي بدأ يستثمر مئات الملايين من الدولارات في القدس عبر تأسيس مدارس وتجنيد اطراف مقدسية وغيرها الكثير من النشاطات ،ليس هنا مجال لذكرها، كتحدي صارخ للرعاية الاردنية والهاشمية في القدس الشريف وكرافعه سياسية يستخدمها الرئيس التركي في مزاحمة الدور الاردني في القدس.
من الملفت ان نرى تحليلات الصحافة الاسرائيلية حول عملية القدس الاخيرة تصب كلها في اتجاه واحد وهو الفشل الاستخباري في منع هذه العملية ومن الملفت اكثر ان نرى محاولة تحميل موظفي الاوقاف في القدس المسؤولية عن توفير المأوى والحماية والسلاح لمنفذي العلمية في القدس مما يعني بالتالي -وبكل تأكيد -تحميل الاردن نفسه المسؤولية بصفته الجهة المسؤولة عن هؤلاء الموظفين.
ان نقل المواجهة والصراع السياسي بين الفلسطينيين واسرائيل وتحويله الى صراع عسكري عملياتي داخل الحرم القدسي هي سياسة عربية –عربية وعربية اسلامية ممنهجة لتفجير الوضع القائم في القدس الشريف ولكف يد الاردن عن هذا الملف وتقويض الوصاية الهاشمية على المقدسات ، كما ان هذا الهدف بالتحديد هو مطلب اليمين الاسرائيلي الذي يحاول بلا كلل تغيير الوضع القائم وهناك العديد من الاصوات اليمنية التي تطالب كل يوم بفسخ الاتفاقات الموقعة مع الاردن بهذا الخصوص بحجة عدم قدرة الأردن على ضمان حرية العبادة لجميع الديانات.
واخيرا، فان التحدي الحقيقي اليوم امام السياسة الخارجية الاردنية هو كيفية الحفاظ على اليد الاردنية العليا في القدس وتبني استراتيجيات جديدة تجاه هذا الملف وايجاد آليات تنفيذية على الارض كفيلة بنزع فتيل اية ازمة قادمة كما بنغبي تطوير سياسة اعلامية خاصة فيما بتعلق بملف الوضع الراهن في الحرم القدسي يتم من خلاله اطلاع الرأي العام الاردني على حقيقة المعارك السياسية والقانونية التي تدور في القدس لمزاحمة الدور الاردني.