لم أغضب ولم أحزن على استشهاد الشبّان الثلاثة الذين نفّذوا العملية في المسجد الأقصى..على العكس فرحت و افتخرت لأنهم صحّحوا اتجاه «قبلة الخلاف» وطردوا نعاس النسيان عن جفون ملايين العرب وقرعوا جرس التنبيه بحناجرهم فكانت دماؤهم أغلى وأهم وأثمن من حبر كل المعاهدات، وخبر استشهادهم أكثر انتشاراً وأكثر تناقلاً ورواجاً من كل مؤتمرات القمة العربية..
شهداء الأقصى هم بذور قمح المقاومة التي لا تنتهي ، والذين يبذلون أرواحهم في سبيل القبّة لا ينقرضون أو يتلاشون بفعل الزمن فكل شهيد ينجب مئة مقاتل ، وفي قلب كل مقاتل ألف شهيد ، حتى تعود الأرض لأصحابها ولا يمسّ المقدّسات الا المصلون وحمام السلام..
في ظل الانسلاخ العربي عن القضية الأولى ، وفي خضمّ التخاصم والحصار والتنازع والاتهام والانشغال بالمعارك الإعلامية العربية العربية و في ظل الوهن الذي ضرب أذرع الأمة المشلولة أصلاً كان لا بدّ من حدث كعملية الأقصى لتقول بالدم والرصاص: ما أقساكم على أقصاكم..ما أقساكم في خصامكم وفصالكم وفصامكم و نزاعكم ونسيانكم لأرض فلسطين..كان لا بدّ من حدث يذكّر أن «بوصلة» العداوة هنا..وبوصلة الاحتلال هناك..وبوصلة الدم هنا..لا بد من رسالة مكتوبة بالصبر الفلسطيني على أرض المعراج مسطّرة بالأصابع القابضة على الزناد ...أيها الأشقاء العرب ، يا شركاء الضاد واللسان ، يا أبناء الوطن ، ورمل التاريخ ، يا أخوة الدين والمصير الواحد لن تحلّ أصغر عقدكم ما لم تحلّ المشنقة عن الأرض والمقدسات..ولن يطوى ملف القضية ما لم يصادر الشعب مطرقة المحتل ويصدر حكمه العادل ويستردّ وطنه المسلوب..يا شركاء الضاد واللسان يا أبناء الوطن..كيف تطعكم قلوبكم عندما تصوّبون فوّهة البندقية على صدر الشقيق..وتمدّون أيديكم إلى غاصب أرضكم وعرضكم وسلمكم بكل صفح واعتذار...كيف يُسقطُ العقالُ العقالَ لتسود «القلنسوة»..فلنستشهد إذا كل يوم إن كان موتنا يوقظ في عروبتكم «الأخوّة»، وستفيض عينا يوسف كل يوم برغم الجبّ والذئب إن غدا من غير أخوة..نحن قبلتكم الأولى ..ونحن نخلة مريم المشرقية..لا تقلقوا علينا فالموت وِردنا اليومي.. إن لم نصلِّ بالأقصى..فاعلموا انها قد صلّت فيه البندقية..
الرأي