غداً تبدأ الدورة الاستثنائية الأخيرة لمجلس النواب، وامام السادة النواب (8) تشريعات في غالبيتها ان لم تكن جميعها غير خلافية. وأمام المجلس وهو في أسابيعه الأخيرة أن يقدم عملا نيابيا معقولا يخالف على الاقل التوقعات بأن المجلس سيمارس خلال هذه الدورة ما يمارسه في مراحل مختلفة من لامبالاة وغياب وفقدان نصاب للجلسات.
لا نتحدث هنا عن مضمون النقاشات؛ فالمجلس من حقه أن يقبل او يرفض اي مشروع قانون، لكن عن صورة المجلس. فمن حق الناس عليه ان يكون هناك جدية وحضور ونقاش، وليس مثل الطلبة في نهاية الفصل حيث يكثر الغياب او الخروج من الدوام، وهذا ليس تجنياً، فكثيرا ما كان الغياب بكميات "تجارية"، وأحيانا افقاد الجلسات نصابها نتيجة التسرب، وتكرر المشهد الذي يقف فيه رئيس المجلس وهو يطلب من النواب ان يجلسوا في مقاعدهم، في العديد من الجلسات، لأن خروج أحدهم سيفقد الجلسة النصاب ويجعلها غير قانونية.
قد لا يستطيع المجلس وهو في أيامه الاخيرة ان يحسن صورته لدى الناس، او ان يصنع انجازا يرسم له اطارا زاهيا، لكنه قادر على ان يصنع ذكرى معقولة، لكن هناك تخوفات من ان تكون الدورة الاستثنائية الاخيرة مكتظة بالتسرب واللامبالاة، او الخوف من ان لا يجري اقرار التشريعات المعروضة. فوجود هذه التخوفات هو محصلة اداء خلال السنوات الاربع الماضية. فالمشكلة ليست فقط في منهجية التعامل مع التشريعات من حيث المضمون، بل ايضا في الجانب الفني؛ حيث التردد احيانا ما بين الرفض والقبول وتغيير المواقف، ما يدل على غياب القناعات الراسخة بقدر ما هي مواقف وليدة الجلسة احيانا.
لسنا في طور تقييم المجلس؛ فالسادة النواب يعرفون مواقف الرأي العام وقواعدهم من مسيرة السنوات الماضية. لكن من المفيد ان نذكر اصرار جهات نيابية على الجانب التشريعي وتعداد اعداد القوانين التي تم اقرارها لن يغطي على الضعف في الخبرة لدى قطاعات من النواب، وهو ضعف لم يستطع تعاقب السنوات تغطيته او معالجته، كما ان كل المدة الدستورية للمجلس لم تستطع ان تقنع النواب بالعمل الجماعي، ولهذا بقيت الكتل حالة نظرية، كما ان معظم النواب الذين من المفترض انهم سياسيون او يمثلون حالة سياسية لم يقنعوا احدا بأن لديهم اي اضافة نوعية، كما لدى غيرهم، والحديث في القضايا العامة والمواقف الجماعية ليس بديلا عن حضور فردي يمكن لأي نائب لديه مضمون ان يقدمه.
وفق منظومة القيم الوطنية النظرية فإنّ اياً منا لا يقدم نفسه لموقع لا يرى نفسه اهلا له، وألا يتقدم لأي موقع من لا يحمل القدرة على اداء واجباته سواء كانت جهة سياسية او اجتماعية تملك الحد الادنى من اشكال الالتزام بمفهوم الامانة والحرص على المصلحة العامة. اما اذا كان الفرز السياسي والاجتماعي خاضعا لمعايير غير موضوعية، فإننا كمواطنين وأحزاب نمارس ما نأخذه على الحكومات من تقديم اشخاص وفق معايير غير سليمة.
نتمنى للسادة النواب دورة ناجحة، وأن تكون الاسابيع القليلة المتبقية لمسة يذكر الرأي العام بها هذا المجلس، حتى وإن كانت الصورة العامة لا تسر صديقا.
sameeh.almaitah@alghad.jo