تعديلات قانون الشركات الاردني لعام 2017
المحامي محمد عماوي
14-07-2017 10:52 PM
طالعتنا وسائل الاعلام مؤخراً بمقترح قانون معدل لقانون الشركات الأردني رقم (22) لسنة 1997 وتعديلاته، ومن خلال الاطلاع على مشروع القانون المعدل والواقع على (19) مادة، فيمكن اجمال تلك التعديلات بما يلي (تستند هذه المقالة الى مقترح التعديلات الأخير (تاريخ: 18/6/2017) الذي تم عَرضه على مجلس النواب):
المادة (1) من مشروع القانون المعدل: تسمية القانون.
المادة (2) من مشروع القانون المعدل: اضافة الفقرة (و) للمادة رقم (7) من القانون الأصلي؛ حيث تضمن التعديل اضافة نوع جديد من أنواع الشركات الى الشركات التي يمكن تأسيسها في المملكة وهي شركة رأس المال المغامر؛ حيث سنعرض في مقالة أخرى ماهية هذه الشركة وموضوعها من الاستثمار والغايات منها.
وفي هذا الشأن، وفيما يتعلق بآلية التعديل من الناحية التشريعية، فنلاحظ أن المشرع قد احال -وفي سابقة غريبة من نوعها- امر تنظيم هذه الشركة وتحديد أسسها وهيكليتها الى نظام خاص، وبما يُدلل على عدم وضوح الصورة أمام المشرع في الوقت الراهن ولربما رغبته بكسب مَكنة التعديل السلسل المتاحة في النظام على ضوء ما سيستجد على أرض الواقع.
المادة (3) من مشروع القانون المعدل: اتاحة المجال امام وزير الصناعة والتجارة والتموين لاصدار التعليمات فيما يتعلق بالاسهم القابلة للاسترداد والتي تصدرها عادة الشركات المساهمة الخاصة.
المواد (4، 5، 18) من مشروع القانون المعدل: حيث انصبت تلك التعديلات على آلية اطفاء الخسائر من الاحتياطي الاجباري للشركات ذات المسؤولية المحدودة والشركات المساهمة الخاصة والشركات المساهمة العامة.
وبالتطرق الى موضوع التعديل من الناحية القانونية والمحاسبية، فإن الاحتياطي الاجباري، يتم اقتطاعه من الأرباح الصافية القابلة للتوزيع وهو بالتالي رقم صحيح ويعكس واقعاً مُحققاً لا وهمياً، إلا انه وفي المقابل وعلى أرض الواقع فيتم التصرف به من قبل مجالس الادارة وهو غير موجود كرأسمال مودع نقداً أو عيناً في أغلب الأحيان؛ حيث عادة ما تكون هذه المبالغ ورقية ولا تعكس أي واقع حقيقي (لعل أكبر اثبات على ذلك هو ما تكشفه عمليات تصفية الشركات المتكررة من ورقية هذا البند المحاسبي أو ما تم خلال السنوات السابقة من تَكشف لورقية هذا البند في عدد من الشركات المساهمة العامة التي تم احالة اوراقها للقضاء).
وازاء ما تقدم، فنحن في حقيقة الأمر أمام فكرة تشريعية جديدة وجيدة، من شانها أن تنقذ بعض الشركات من الخسائر و/أو التعثر. إلا أن السؤال المطروح في هذا المقام يتمثل في ماهية الأثر المترتب على هذا الاجراء على واقع الشركة المتعثرة؟
وللاسف، فإن الاجابة تكمن في انعدام الاثر الحقيقي على الشركة المتعثرة باستثناء تخفيض لبعض الخسائر (من ناحية البيانات المالية)؛ حيث أن الشركة المتعثرة لن تنهض عادة من تعثرها إلا بتكاثف الاطراف المكونين لها بصورة مجتمعة (المساهمين، الدائنين، الادارة)، وهو الأمر الذي لو اجتمع منذ البداية لما تعثرت الشركة اصلاً.
المادة (7) من مشروع القانون المعدل: تضمن هذا التعديل اضافة مبدأ التصويت التراكمي لانتخاب اعضاء مجلس ادارة الشركة المساهمة العامة، وفي ذلك خطوة مهمة ومتقدمة من المشرع (للمزيد: راجع مقالتنا المنشورة بتاريخ: 25/1/2008 حول تكوين مجلس الادارة في الشركة).
المواد (8 ،9) من مشروع القانون المعدل: تضمن النص المقترح تعديلاً للمواد (144 و 145) من القانون الاصلي؛ وبحيث تم تمديد مدة الدعوة لاجتماعات الهيئة العامة من (14) يوماً لتصبح (21) يوماً. وبرأينا فإن في اطالة هذه المدة عبئاً قد اضيف على كاهل الشركات المساهمة العامة، لا سيما انها ملزمة بعقد اجتماع الهيئة العامة العادي السنوي في الأشهر الاربعة الأولى من انتهاء السنة المالية، ناهيك عن أن بعض الشركات بحاجة الى موافقات مسبقة لتوجيه الدعوات، كالبنوك وشركات التأمين.
المواد (10، 11 و 7) من مشروع القانون المعدل: تتضمن هذه التعديلات تقنيناً لقواعد الحوكمة المعمول بها سابقاً، وفي ذلك نقلة هامة جداً نحو بيئة عمل الشركات اذا احسنت دائرة مراقبة الشركات إنفاذ هذا التعديل بصورة لا تتقاطع وقواعد الحكومة المطبقة لدى البنك المركزي وادارة التأمين وبورصة عمان (للمزيد حول الحوكمة، تابع مقالاتنا السابقة حول هذا الشأن: حوكمة الشركات CORPORATE GOVERNANCE، قواعد الحوكمة في قانون الشركات الأردني، هيكلة وحوكمة الشركات، الحوكمة وحمايه حقوق المساهمين).
المادة (12) من مشروع القانون المعدل: يتطرق هذا التعديل الى فصل منصب رئيس مجلس الادارة عن منصب المدير العام في الشركة، وفي ذلك نقلة جيدة جداً، ونوصي للمشرع ولغايات تحقيق أفضل النتائج باعتماد آلية تضمن فصل الادارة التنفيذية عن مجلس الادارة بصورة تامة، وبخلاف ذلك فلن تتم السيطرة على الشركات؛ ذلك أن تبديل المناصب وتوزيها تحديد صلاحياتها يتمتع بمرونه وسهولة شديدة من قبل مجلس الادارة وبما يعيد الأمور مرة أخرى الى نصابها الأول ويزيل الحكمة من الفصل.
المادة (13) من مشروع القانون المعدل: يتطرق هذا التعديل المقترح الى تخفيض النسبة المطلوبة من المساهمين لطرح موضوع اقالة مجلس الادارة؛ حيث تضمن المشروع تخفيض النسبة الواردة في المادة (165) من قانون الشركات لتصبح (20%) من المساهمين بدلاً من (30%). والحقيقة أن الممارسة العملية وواقع الحال في الشركات تذهب الى أنه قد كان من الأفضل تخفيض هذه النسبة لتصبح (10%) لصعوبة تحقق ذلك النصاب في الشركات المساهمة العامة التي تواجه مشاكل في الادارة، بالأخص أن مثل هذا النص قد اتى لحماية صغار المساهمين.
ما تقدم من جهة، ومن جهة أخرى، فقد سهى على المشرع في هذا المقام إعمال ذات الميزة لكل من الشركة المساهمة الخاصة (المادة 78/مكرر، بحيث تصبح النسبة 5%) والشركة ذات المسؤولية المحدودة (المادة 64/هـ، بحيث تصبح النسبة 5%).
المادة (14) من مشروع القانون المعدل: تطرق هذا التعديل الى ما يمكن ادراجه على جدول الاعمال من أمور اضافية بطلب من المساهمين الحاضرين للاجتماع وفقاً لأحكام المادة (171/أ/9)؛ حيث جاء النص المُقترح ليقلص تلك النسبة والتي كانت (10%) لتصبح (5%) فقط. وفي ذلك ثغرة كبيرة ستزداد هوتها إن تم اقرار التعديل؛ حيث عادة ما تستخدم مجالس ادارات الشركات هذا النص لغايات ادراج مسائل اخرى هامشية لم تكن الهيئة العامة على علم بها بعد اعداد وتجهيز توكيلات حضور الاجتماعات. كما أن الاستخدام الأكثر تطرفاً لهذا البند قد يذهب الى طرح موضوع تقديم مجلس الادارة استقالاتهم لغايات انتخاب مجلس ادارة جديد لصد محاولات احد اعضاء مجلس الادارة عن تقصي الحقائق داخل المجلس و/أو لكفه عن ازعاج مجلس الادارة في أعماله!
وقد كان الأجدر بالمشروع أن يناغم هذا النص و/أو تعديله مع المواد (66 / 5) و (76 مكرر/5) لغايات توحيد المعاملة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة الخاصة.
المادة (15) من مشروع القانون المعدل: يتطرق هذا التعديل الى الدعوة الى اجتماع الهيئة العامة من قبل المساهمين؛ حيث تضمن النص المُقترح تخفيض نسبة المساهمين الذين يحق لهم الدعوة للاجتماع عبر تقديم طلب للمراقب الى (10%) بدلاً من (15%) في النص الأصلي.
وفي هذا السياق فقد كان الاجدى بالمشرع اطلاق هذا الحكم عبر تعديل كل من المادتين: (64/ب) و (78/أ مكرر) ليشمل هذا الحكم كلاً من الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة الخاصة.
المادة (16) من مشروع القانون المعدل: يتطرق هذا التعديل الى مسألة بالغة الأهمية لم تكن تحظَ بتنظيمٍ سابقاً؛ حيث يوكل التعديل اختصاص بيع أي من موجودات الشركة (كثيرة كانت ام قليلة) الى الهيئة العامة كافاً بذلك يد مجلس الادارة عن هذه المسألة؛ إذ كانت الأمور تجري في السابق على أن اختصاص الهيئة العامة محصور في عملية بيع الشركة فقط دون أن يشمل موجوداتها.
وفي هذا السياق فلا بد لنا من الاثناء على هذا التعديل بوصفه اداة ضبط جيدة؛ حيث تستطيع الهيئة العامة توكيل بعض صلاحياتها لمجلس الادارة (كعملية بيع المنقولات البسيطة أو السيارات). إلا أنه ومن جهة أخرى قد يكون اداة تَعوق عمل مجلس الادارة بالأخص حين تمسك الهيئة العامة بصلاحياتها بصورة مطلقة؛ إذ لا يعقل -في حينها- أن يتطلب بيع احد موجودات الشركة البسيطة لموافقة الهيئة العامة غير العادية، سيما أن تقرير مجلس الادارة والبيانات المالية تظهر مثل هذه الأمور بصورة واضحة.
المادة (17) من مشروع القانون المعدل: يتطرق هذا التعديل الى أسماء المساهمين الذين يحق لهم حضور ومناقشة اجتماعات الهيئة العامة؛ حيث تضمن التعديل تعديل مدة كون الشريك مدرجاً في السجلات الشركة منذ يوم واحد بدلاً من النص الأصلي الذي كان يقضي بأن يكون كذلك منذ ثلاثة أيام. ويأتي هذا التعديل في ظل التعامل الالكتروني لدى مركز ايداع الاوراق المالية.
المادة (19) من مشروع القانون المعدل: يتطرق مقترح التعديل هذا الى تخفيض نسبة المساهمين الذين يحق لهم التقدم بطلب الى مراقب عام الشركات لغايات تشكيل لجان تدقيق على أعمال الشركات وفقاً لأحكام المادة (275/أ) من القانون؛ حيث تضمن مُقترح التعديل تخفيض تلك النسبة من (15%) لتصبح (10%). وفي ذلك خطوة في الاتجاه الصحيح لحماية حقوق أقلية المساهمين والشركاء.
على ما تقدم، نلاحظ أن التعديلات -رغم ما تضمنته من بعض المسائل الايجابية والفاعلة- إلا أنها لم ترقَ الى الحدود المطلوبة أو تتضمن أي تعديلات جوهرية تؤثر على تقدم مسيرة الاستثمار، بالأخص أن مُقترحات تعديل قانون الشركات والتنسيبات بشانه قد توالت منذ العام 2009.
هذا من جهة، من جهة أخرى، فإن التشريع -على ما له من أهمية بالغة- لن يكون في يوم من الأيام الاداة النموذجية لخلق بيئة استثمار ناجح، بل أن ايجاد كادر بشري واداري متمرس وكفؤ يشرف على أعمال تطبيق التشريع هو غاية الأمر وسنامه. وإن انطلاقة أولى في هذا المجال لا بد أن تبدأ من إحداث تغييرات هامة في بيت خبرة الاستثمار الاردني (دائرة مراقبة الشركات) حتى نستطيع بعد ذلك الحديث عن نقلة حقيقة في خلق بيئة استثمار ناجح.