•أهلا بك في كوكب اليابان .
رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي يزور اليابان والعاصمة طوكيو تحديدا , ولا أعرف إن كان سيتسنى له أن يزور مدنا أخرى أو قرى نائية , لكنه إن فعل فسيجدها كما العاصمة في كل شيء بإستثناء الكثافة البشرية وهي بالمناسبة لم تخطف النظام في طوكيو بل على العكس عمقته وزاده النظام ألقا وأصبح مثل موسيقى يعزفها البشر المارون عبر الطرق بدلا من الالات الموسيقية فوق خشبة المسارح .
سيرى الرئيس إصطفاف الناس في طوابير منظمة في مواقف القطارات السريعة داخل المدينة , وسيستمتع بمشاهدة صفوفهم مثل جيش منظم تلقائيا دون قائد , فالقائد هو النظام وإحترام القانون والذوق العام وإحترام الاخر وسيرى التطويع الرهيب للتكنولوجيا في خدمة الإنسان خصوصا عندما يتوقف موكبه عند إشارة مرور , تخطف بصره بمشاهد ضوئية تقول الآن وقت مرور المشاة وعليك أن تتوقف .
لا اعرف ما إن كان الإحتفال بآخر إشارة مرور في اليابان هو الحدث , لكن الإحتفال كان بإزالة آخر إشارة مرور تقليدية وإستبدالها بإلكترونية , بينما نحن في عمان نحتفل يوميا بإضافة مطب جديد .
لا تقف ابداعات العقل الياباني عند حد معين , بل توصل هذا العقل الى تصور مستقبلي للاشارات المرورية في الشوارع . وتعتمد هذه الاشارات على التكنولوجيا والمؤثرات البصرية عوضا عن الاضواء كما هو سائد حاليا .
في عمان , مثل طرفة ساقها لي صديق , أن رجال أعمال من اليابان أيضا جاءوا لإستكشاف فرص الأعمال في الأردن , , قرروا أن يعودوا للأردن عندما يسمعوا أن هذا البلد إحتفل بإزالة آخر مطب من شوارعه .
ليس مهما أن تكون هذه الرواية صحيحة , لكن الصحيح فيها أن عمان مدينة مزدهرة بالمطبات الصناعية المنتشرة على الشوارع حتى الفرعية منها , وما لم تصنعه الأمانة أو البلدية يصنعه المواطنون.
لا أعرف ماذا ستفعل أمانة عمان ومعها دائرة السير عندما يبدأ العام الدراسي , فواقع الطرق من دونه خانق وهو حتما سيزداد إختناقا .
موكب الرئيس في طوكيو سيتحرك بحرية تامة , فلن يرى مئات من شرطة السير من أصحاب الدراجات ومن الراجلة يهبون لتعطيل السير هنا ووقفه كاملا هناك وزجر من يحاول أن يزرق من هنا وسحب رخص من يتذاكى ليتحايل على الحاجز أو سائق يخطب ود شرطي كي يمرره لأنه مستعجل , ببساطة لن يصادف الرئيس أي شيء من هذا لأنه سيفاجأ بهدوء لا مثيل له في الشوارع لأن طوكيو تعمل مثل مملكة النمل.يتحرك الناس فيها ، في عالم تحت الأرض ومعظمهم لا يستخدمون سياراتهم الخاصة يتحركون في أنفاق تخدمهم قطارات سريعة تحت الشوارع في مدينة سفلية فيها خمسة عشر مليون إنسان..
وإن سنحت للرئيس فرصة لتفقد مدرسة نائية في طوكيو فسيرى أن الطلاب ينظفون مدارسهم بأنفسهم لتعليم الأطفال قيمة النظافة وإن قرر أن يقطع المسافة بالسيارات بين طوكيو ومدينة أخرى ليلحق بإجتماع هام هناك سيرى البيوت الزجاجية المنتشرة على الطرق والمخصصة للتدخين منعا لتلوث الهواء وقبل أن يجلس في مقهى أنيق ليرتشف كوبا من القهوة خلال الرحلة سيلحظ أن التكنولوجيا وصلت حتى بيوت الراحة وما أن يصل الى قاعة الإجتماع حتى يبادره روبوت ذكي يصافحه ويرحب به وهو حتما سيرى بأم عينه أن التحضر والمدنية لم تفقد هذا البلد هويته وأن الاحترام ليس لغة أدب بل قواعد وفن العلاقات شكلت الشخصية اليابانية، و التناغم هو القيمة الأساسية في المجتمع وسيتعرف على معاني درجات الإيماءات وإنحناءات الرأس وأعلى الجسد كشكل من أشكل الإحترام للضيف وللأخر وأن الناس في اليابان يسيرون أسرع من أي فرد في العالم لأن الوقت من ذهب وأن اليابان أصبحت كوكبا فريدا بفضل سلاح التعليم .
الرأي