" مال عمك ما يهمك " مثل سمعته منذ سنوات في دولة عربية خليجية ، وفيه التعبير الطريف لتصرف الفرد بمال غيره ، والوصف الصريح لما يقوم به البعض من إنفاق للمال وإتلافه طالما أن مصدره من غير ممتلكاته ، وقد تبدو في المثل دعوة للأخذ من مال الغير ، فالإشارة هنا لا تقصد العم تحديدا بل أراها ترمز للغير .
تنقسم الممتلكات كما هو معروف إلى ملكية خاصة هي الملكية الشخصية لأفراد بعينهم ، وملكية عامة تشمل بدورها ممتلكات الدولة والتي كانت تسمى في غابر العصور بيت مال المسلمين .
وبالطبع يمتلك البعض ممن خوله القانون ( أو خول نفسه ) حق التصرف بالمال العام ، وفق قواعد وأسس حددها المشرع . وتقتضي الأمانة بالإنفاق من المال العام وفق قواعد الشرف والأمانة ، حيث تحرم الوظائف والمناصب العامة على المحكومين بجرائم الاخلال بالشرف والأمانة ، أما الإنفاق من المال الخاص فلصاحبه حرية التصرف به وفق قواعد أقل تشددا من التصرف بالمال العام ، وإن كان بالإمكان الحجر على من يسيئ التصرف بماله وفق ضوابط حددتها الشريعة والقانون .
الحال ليست بالبساطة التي يظنها البعض ، إذ لا يجد البعض غضاضة من إقتناص مياومات وبدلات لمهام عن طريق التحايل على القانون ، ويجد في قبول الهبات والأعطيات حقا مشروعا ، وارى أن من يقبل الهبات والأعطيات في غير موضعها شريك بالجرم مع من أعطاه إياها .
تذكرت المثل العربي الخليجي عندما حدثني أحدهم قائلا : شاهدت جارا لي ينقل بلاطا ومواد بناء في سيارته الحكومية المرسيدس ، وعندما استعيدت السيارة منه بعد إحالته على التقاعد اشترى سيارة مشابهة لكنه كان ينقلها من رصيف لآخر بحثا عن ظل شجرة يحميها من أشعة الشمس !!.
مال " العم " كثير يشمل مياه وكهرباء وأراضي وأسلاك كهرباء وهاتف ووظائف وغير ذلك كثير من ممتلكات الدولة والهيئات الخاصة ، وهي أموال يستبيحها البعض ويضمها لممتلكاته دون وازع ديني أو وطني ، في ظل غياب رقابة حكومية كافية ومفترضة ترصد اللصوص والسارقين ، وتقدمهم لعدالة لا تغمض لعيونها جفون .
haniazizi@yahoo.com