facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




داعش: سـر الاختفاء وجريمة الظهور


عمر كلاب
09-07-2017 02:34 AM

كما ظهرت وتمددت في غفلة من الوعي، تتبخر عصابة داعش على ارض دولتها التي شغلت العالم اجمع، بعد دفع اعلى كلفة في تاريخ البشرية من اجل دولة موهومة، تاركة الاسلام والمسلمين في مأزق حقيقي عن اسرار النشأة ومشروعية التفاسير الشخصانية للنصوص، بعد ان انشغل العالم الاسلامي والعربي على وجه الخصوص في تأبيد تفسير النص وايجاد مطابقات قسرية للنص مع العلم والاختراعات وكأن المطلوب من النص ان يكون حاضرا عند اي اختراع او اكتشاف فبات النص خاضعا للتجريب وليس نصا صانعا وداعما للعقل النقدي ومحفزا للتفكير واعمال العقل.

كل الاسئلة المرتابة التي رافقت ظهور عصابة داعش ودولتها، تزداد تعقيدا وارتبكا وهي ترى الفيروس الذي نشأ في مكان مجهول يتلاشى والغريب دون اعلان او اشهار لنوعية المصل او المطعوم الذي قاوم هذا الداء، مما يعني ان الارتباك مستمر بل واعمق من السابق، فهذا يعني ان الفيروس ما زال حاضرا ومحضونا في مختبر ما، ويستطيع هذا المختبر اطلاقه في اية لحظة كما حدث مع القوات المسلحة المصرية في رفح الجمعة الفائتة، حين نهش هذا الفيروس اجساد وارواح جنود مصر الابرار عليهم رحمة الله.

المعركة مع داعش ومشتقاتها متصلة ومتواصلة ولكنها تؤخذ اليوم ابعادا ومستويات مختلفة، فالمواجهة الحربية شبه انتهت وبقيت المواجهة على المستوى الامني الاستخباري وهذا موجود ومتوفر في بلدنا بهمة رجال المخابرات العامة ورجال القوات المسلحة الابطال، لكن المقلق الحرب على المستوى العقلي ومنسوب المجابهة في ميدان الفكر الذي هو اخطر الميادين، فبالكلمة يستطيع خصمك ان يكبلك وبالكلمة يستطيع خصمك ان يستدرجك الى ملعبه والتفكير بمنطقه، ونحن للاسف لم نحدد حتى اللحظة ادوات الحرب القادمة ولم نرفد الادوات القائمة بما يكفي من دعم وسط انشغال الجميع بمحاضرة داعية يجتهد في التفسير ويقع في درن ليّ عنق التفسير لصالح فكرة في رأسه.
المواجهة تحتاج الى اسلحة سيكون الاعلام الحقيقي هو الاكثر فاعلية مع الاحترام للتواصل الاجتماعي وادواته، وستكون المنابر الفكرية والمثقفون التنويريون هم فرسان المعركة وليس فقط منابر الفكر الدين على اهميتها، فالفكرة لا يمكن محاربتها داخل تربتها الفكرية فقط، وبالضرورة نحتاج الى ادوات لمحاربة الغلو والتطرف العلماني الذي يستثمر في فكر داعش البغيض اكثر من استثماره في معركة التنوير لتأصيل مفهوم العلمانية كحاضنة ضد الدولة البوليسة والدولة الدينية وليس ضد الدين نفسه.

سقوط داعش وعصابتها في المضمار الحربي بات واقعا لكن فكرتها الخبيثة ما زالت قائمة وذلك هو بيت القصيد ومكمن الخطر، فبؤر الدعم للتفكير الظلامي حاضرة، فالمدى الفكري مفتوح لكل راغب ولكل منقوص العقل والظرف الاقتصادي صعب مما يحجب العقل ويكبل اليدين عن الوصول الى حاجات الافراد المعيشية، والامل بالمستقبل يتلاشي ويتشح بالسواد ولا بديل عن معركة التنوير ومعركة الادب والفنون، وهذه ادوات تحتاج الى روافع وجسور كي تصل الى الناس جميعا والاعلام هو وحده القادر على خوض هذه المعركة وتحديدا الاعلام المقروء لانه اكثر ثباتا واكثر تأثيرا وخاصة المطبوع منه فمهما بلغ تأثير الرذاذ الالكتروني فإنه سيظل رذاذا.

الحرب مع داعش ودولتها المزعومة شبه منتهية لكن الحرب مع ارتداد هذه الفكرة ما زالت قائمة وقادمة سواء من خلال قطعان الذئاب المنفردة او من خلال خلاياها النائمة الجاهزة للاستيقاظ والاهم ان نجفف مصادر تمويلها البشري والفكري وهذه حربنا القادمة.

omarkallab@yahoo.com

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :