في ذكرى وفاة الملك طلال الخامسة والاربعين اذهب مع قراء عمون في رحلة تاريخية عن سيرة الملك طلال رحمه الله. لي كتاب عن الملك طلال كتبته مع اللواء قاسم محمد صالح لما كان مديرا للتوجيه المعنوي وكان الكتاب الثالث من ثمرة تعاوننا اذ كتبنا كتابا اخر بعنوان في وداع الشهيد عن الحسين بن علي وكتابا موسوعيا عن تاريخ الجيش العربي ودعم التوجيه كتابا رابعا طلبه الحسين بنفسه رحمه الله من قائد الجيش عن كتب الشكر لقوات حفظ السلام الأردنية ودورها المشرف وعملته وحدي بعنوان الجندية في خدمة السلام وبالنسبة للملك طلال كتبنا عن شمائل جلالته وابتعاده عن التصريحات وكان يقول (الكلام بضاعه لا ارتضي ان اقدمها لقومي ) وانه صاحب اول ثورة بيضاء وانه وراء صدور دستور 1952 . قليلون يعرفون ان الملك طلال خدم مع جده الحسين بن علي في قبرص وانه بعد ان أنهى دراسته في ساندهيرست التحق بجده في قبرص عام 1929 وعين ملحقا عسكريا لوالي قبرص كان الحسين ينتدب الحفيد طلال من قبل ذهابه لقبرص لكتابة الرسائل وكل ما يرغب في كتابته وكانت من اماني الحسين من ايام وجود الحسين في العقبة ان يظل طلال معه وفعلا تحقق ذلك اذ ظل حتى عاد مع جده لما عاد جده الى عمان. كان الملك طلال اثيرا لدى الحسين بن علي والذي كان يشرف على تعليمه الخط وفي البداية كان الملك (الامير ) طلال انئذ لا يميز بين القاف و الفاء وكان الحسين الذي يخاطبه (طلال) بسيدنا الكبير يتابع باهتمام وفي يوم ظن (طلال) انه اتقن ذلك وذهب مسرعا الى جده الحسين الذي دخل الى غرفته الخاصة (المخلوان) حتى يستريح وعرض الحفيد على الجد بشي من الفخر والزهو ما كتب .هش الجد في وجه الحفيد وبدا يصحح ووجد الخطأ ذاته فاخذ القلم من يد الحفيد وكتب له سطرا كاملا من كلمة قلق وطلب اليه ان يكتبها ويقول الملك طلال (وانسحبت للحال من حضرته السنيه بكل ادب واحتشام وانا اتعثر بأذيالي لفرط ما خامرني من ندم على ما كان من تسرعي تسرعا اقتضته طفولتي .وأظنني مدين بالجم الكثير مما تراني عليه من ترو لا يبلغ درجة التردد في كل ما انوي الاقدام عليه من قول او عمل لهذا الحادث الذي لم يبرح مخيلتي وما تنفك تفاصيله ماثلة لعيني كلما اعترضت امرا ) ولما انتقل الحسين بن علي الى الرفيق الاعلى ذهب الملك طلال الى العراق والتحق بالجيش العراقي برتبته العسكرية بيد انه ما لبث ان عاد الى عمان واكمل تدريبه العسكري في قوة الحدود المعقود لواء قيادتها العليا للملك المؤسس عبد الله بن الحسين وعوده لذكريات الملك المؤسس عبدالله بن الحسين عن الملك طلال . روى الملك المؤسس عن يوم ميلاد الملك طلال وبركات ذلك اليوم وقال ان والده ارسله لمرافقة المحملين الشامي والمصري وفي ذلك العام حج الخديوي عباس حلمي .لم يكن مع الملك المؤسس دانقا واحدا (وحدة عمله وجمعها دوانيق وكانت تستخدم في العصر العباسي وسمي المنصور ابو الدوانيق ) والمهم باع الملك المؤسس خاتمه الزمرد وارسل ثمنه لأهله من اجل المصاريف وخاصة للظئر اي المرضعة ومن الفال الحسن لقدوم الامير (الملك ) طلال انه ولأول مره يسافر الحجيج ما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة دون دفع اتاوات للقبائل واخيرا انشر للقراء ما كتبه الملك المؤسس للأمير (الملك ) طلال ليلة سفره لمصر ( وانك لتعلم يا ولدي علم اليقين انني اتوق الى رويتك كل يوم وكل ساعه .....وليس هناك اقرب منك الي واغلى منك علي وقد حباك الله من صفاء الطبع وذكاء نفس ومضاء العزم على ما يؤهلك للنهوض بالأمر العظيم ) (ولكني اود يا ولدي ان اصارحك بان الحياه ميدان للصراع ومكان للكفاح وانها محفوفة بالمكاره والصعاب والمتاعب والاوصاب وان سبلها مفروشة بالأشواك والعثرات فلا يفوز فيها الا من اتاه الله رحابة في الصدر وليونة في الطبع ومرونة في الاخلاق ومتانة في الاعصاب ) واستمر الخطاب الهام
واختم حديثي بشهادة تاريخية لحسن خالد ابو الهدى الصيادي رئيس الوزراء اذ قال بعد ان رافقه في رحلة (فكان اجلالي له يعلو على اعجابي به ينظر للأمور نظرة العاقل الاديب فينفذ الى صميمها ويحكم عليها فيصيب بعيد اهدافها كأنما يبصر بنور الله )
وهذا غيض من فيض والحديث طويل واكتفي بهذا القدر .