رواية دموع الصمت صدرت عام 2014 في عمان للكاتبة أمل الزعبي، لم يذكر فيها اسم دار النشر او المطبعة،
دموع الصمت العنوان وهو العتبة، من كلمتين تشكل جملة اسمية بيد أن المعنى للجملة واضح ومباشر، دموع صامتة ولكن الدموع حقيقة صامتة فلا يوجد دموع ناطقة،،!؟ عادة الدموع تسيل عند البكاء في الاحزان واحيانا في الافراح،،؟
العنوان يشي ان هناك احزانا واشجانا في الرواية، تدور احداث الرواية حول عائلة بسيطة فقدت معيلها وهو الأب، وبدأت منذ تلك اللحظة الاحزان والعذابات،، تواجه افراد الاسرة،، اما محور الرواية البطل فهي الراوية ذاتها التي تتناول الرواية من ألفها الى يائها،،
تجول بنا الراوية في أجواء الاسرة والعمل ولا تبتعد عن هذه الدائرة،، تتحمل مسؤولية الاسرة بعد رحيل الاب، وتقوم بمسؤوليات كبيرة في ظل غياب الاولاد الشباب بل الاخ الوحيد الذي كان صغيرا،، فقد اعتمدت الرواية الاعتماد على ضمير الأنا الحاضر فالحركة والنشاط والحديث عن نفسها وعن ماتعاني من أعباء ومسؤوليات جمة، وهذا يؤكد عصامية ظاهرة في الاعتماد على الذات، فهي التي تعمل وتدرس في الجامعة في ذات الوقت وتقوم بتأمين اسرتها الوالدة واخواتها بالمال وتصرف على اخيها في الجامعة،
الفضاء الروائي محدود وهذا يعكس حوارات الشخوص المحدودة مثل سامي خطيب الراوية وهي ندى وحازم اخوها ووالدتها واختها لارا وسيرينا الفتاة خطيبة حازم،، الزمن مضغوط في الرواية رغم العشرة اعوام التي مرت على خطبتها من سامي أي ندى،
المكان ايضا محدود عمان اما السعودية والامارات فقد تناولتها الراوية بشكل هامشي لان خطيبها كان مقيما في السعودية بهدف العمل واما اخوها حازم فقد كان مقيما اقامة موقتة في الامارات، فمعظم احداث الرواية تدور في عمان،
اسلوب الرواية مشوق وسلس، من حيث السرد متماسك ويحمل انفاس المعاناة المتدفقة، فهي تعبر عن حالاتها النفسية بصدق وموضوعية، واللغة عادية سهلة تناسب الفكرة والاحداث المتمثلة بالتعبير عن معاناة الاشخاص حين اصابتهم بالأمراض الخطيرة وذهابهم للعيادات الطبية والمستشفيات فمرض الكبد الوبائي( ج) مرض خطير ومعدي فالمريض يجب عزله وبحاجة لدخوله المستشفى، ولكن المريضة والدة ندى بقيت تتعالج في البيت حتى وصل المرض الى المحيطين بها وهي ندى حيث اصيبت بالمرض ذاته،،؟؟؟
قد تكون هذه الرواية حقيقية، وتحدث بشكل ومضمون عادي فهي تتحدث عن مرض التهاب الكبد الوبائي وهذا المرض شائع،،في بلدان كثيرة مثله الايدز والسل وهذه امراض خطيرة ومعدية، فالراوية اسهبت بالحديث عن مرض امها وعن تداعيات هذا المرض على الاسرة وافرادها،، حيث توقف زواج ندى اكثر من مرة بسبب هذا المرض وبسبب رفض حازم زواج اخته ندى من سامي الذي يكره،، وايضا تمسك الراوية بقرارها الا تتزوج وتترك امها وهذا من حقها ويجسد مدى برها بوالدتها واحترامها ومحبتها لها،
وايضا ثمة الحوارات في هذه الرواية قليلة ومحدودة فقد استعملت الراوية الحديث الباطني الداخلي وتعيش في هموم وعذابات صامتة،، لذلك كان الحوار عاديا بين بعض الاشخاص مثل حازم واخته ندى في عتاب والقاء اللوم عليه بسبب اهماله لأسرته بعد رحيل والده،،
ثمة دراما عالية المستوى تعكس حالة الاسرة حين يغادرها معيلها ويتركها للمجهول،، ولكن مرض ندى بعدوى من والدتها كان متوقعا لان المرض خطير ومعدي واحتكاكها بوالدتها واستعمال فرشاة اسنان والدتها بطريق الخطأ كان السبب في مرضها،
استعمال الفعل الماضي كان مكثفا ( كانت عمان تسكن قلبها، كانت تغيب عن الوعي، كانت تلاحقها ذكريات، كان دعاؤها دوما، كانت تنام وتصحو، كانت منذ صغرها كجبال رم، الخ)
ثمة تيار من الوعي ينثال في ذاكرة الراوية ويقارن حاضرها بماضيها،، وهذا الامر يحدث في الحياة عندما يعيش الانسان ظروفا صعبة في حاضره حينها يتذكر ماضيه ويحن اليه،
بقي القول ان رواية دموع الصمت رواية اجتماعية انسانية تنبض بالمشاعر والاحاسيس وبالعذابات والتوترات وتعكس حالة الانسان في الحاضر والماضي وما يمر عليه في هذه الحياة من ظروف عائلية اجتماعية وشخصية قاهرة وصعبة، اتمنى للراوية الاديبة امل الزعبي دوام التوفيق في اعمال ادبية .