العمل السياسي والعام بين المحورين الافقي والعمودي
د.فايز الربيع
07-07-2017 09:36 PM
في جميع الديموقراطيات العالمية يعتمد غالباً على المحور الافقي بالعمل السياسي ، حيث تتشكل الأحزاب وتطرح البرامج ويجري التصويت عليها وتحصل بعضها على الأغلبية المطلقة أو الائتلافية وتشكل الحكومات وفي نفس السياق يجري العمل في البلديات على مستوى الدولة ، أو أن فرداً بعينه لا يمكن ان يستطيع تنفيذ برنامج عملي مطروح ، وتبقى الشعارات التي تقرأ في الشوارع كلمات عامة ،ووعود، أن يكون المرشح في خدمة الناخبين في حال فوزه في الانتخابات ، وهكذا نبقى ندور في نفس الحلقات ولو كان الشكل محوراً افقياً تتم بموجبه الانتخابات.
إن اكتمال المحور الافقي في العمل السياسي يجعل الحزب الفائز والأشخاص في موقع القرار في دائرة المساءلة حول انجاز برامجهم ،وذلك من سمات الدولة المدنية التي يحكمها القانون ، وينضج فيها العمل السياسي والرؤيا الاستراتيجية للمصلحة العامة ، ولا نجد كثيراً للأبعاد العشائرية والمصالح الضيقة مكاناً بارزاً في الوصول الى شراكات النتائج الموصلة لاتخاذ القرار فتقل الاحراجات وتتضاءل فرص شراء الاصوات إلا في اطار الانفاق على الدعاية الانتخابية.
أما الإطار العمودي فهو التسلسل التي تنحصر فيه آفاق العمل السياسي ضمن ما يسمى بدوائر المصالح الاقتصادية أو النخب السياسية ، أو تدوير المواقع بناءً على هذه الشبكات إضافة الى شبكة العلاقات الشخصية والعائلية وهذه سمة معظم ما يسمى بدول العالم الثالث أو ما أطلق عليها الدول النامية تجاوزاً ، ومن هنا يشكل ثنائي الفقر والظلم عائقاً امام تعزيز الانتماء وتعميق الولاء ، فالفقير الذي يشعر بأن أعداداً محدودة فد استأثرت في اتخاذ القرار ، وتناوبت على تبادل المصالح ، يشعر بالظلم الذي يورث خراب العمران كما قال ابن خلدون في مقدمته وهذه سمة العمل العام في هذه الدول فلا داعي لإرضاء الالاف المؤلفة من العامة الذين لا يؤثرون في موقعي ، أو ام يكونوا سبباً في ايصالي اليه ، لأن وصولي مرتبط بإرضاء شخص أو مجموعة أشخاص وهو ما سمي في إطار واقعنا الاجتماعي ( الاستزلام ) وبذلك اصبحنا نسمع بأن فلان محسوباً على فلان أو من شلة فلان وغالباً ما تدور الصالونات السياسية حول محور الأشخاص ، أكثر مما تدور حول محاور الاصلاح العام ، وتكريس المؤسسية والبعد عن الدوران في الافاق الضيقة وولوج دائرة الوطن على اتساعه وتشعب همومه ومشاكله وإيجاد الحلول لها.
وما دمت انا المواطن سأتأثر بالقرار ، وينعكس على مستقبلي ومستقبل أبنائي واحفادي إذن من الضروري أن أشارك فيه رأياً ويكون لي دور فيمن سيتخذ هذه القرار انطلاقا من القاعدة الدستورية التي تقول شكلاً أن الشعب هو مصدر السلطات.
لم نفلح كأحزاب في أن نُرسخ هذا المعنى حتى في المستويات الضيقة في داخلنا ، ولم نستطع أن نقنع الشارع بما فيه من قوى شبابية بجدية ما نطرح واقعاً ملموساً وليس شعارات يتم تداولها ستقوم الأمانة والبلديات بإزالتها بعد انتهاء العمليات الانتخابية على كل المستويات قبل ما بدأنا به قبل أكثر من ثلاثين سنة من تاريخنا الحديث هنا في الأردن لا زال كما هو لم يتقدم إن لم يكن قد تأخر أكثر لأننا لا زلنا نعتمد المحور العمودي وليس الأفقي في العمل السياسي والعمل العام.