"شبابيك القلب" .. أريد أن أكون ..
ربيعة الناصر
25-12-2008 03:22 PM
استيقظ قيس من نومه .. دفع باب الحمام.. تأمل في والده يقف أمام المرآه يحلق ذقنه: أهلا يا بطل.. صباح الخير. اتجه إلى المطبخ، أمه تعد الإفطار وتسكب الحليب في الأكواب، ما أن رأته حتى بدأت تناديه بدلال: صباح السكر .. هيا يا عسل اذهب واغسل أسنانك ووجهك لتتناول الفطور قبل أن أسبقك إلى المغسلة..
قيس اليوم لم ترق له صيغة الدلع.. فأدار ظهره متجها إلى الصالون.. سمع زئير الأسود يأتي من جهاز التلفاز..
إنها محطته الفضائية المفضلة .. برامجها تدور حول حياة الحيوانات.. اندفع والده نحوه وضمه بقبلة صاخبة: كيفك يا أسد؟
تمعن في أبيه الذي بدا مستعدا للخروج، وفجأة وبنبرة جادة قال: بابا أريد أن أكبر الآن..
طرقعت ضحكة والده كمن سمع نكته: "ما بصير.. الواحد ما بيكبر فجأة".. يحتاج لسنوات حتى يكبر.. هيا أساعدك في لبس ملابسك قبل أن تأتي حافلة الروضة..
انخرط قيس فجأة في بكاء مر: أريد أن أكبر الآن..
أصاب الذهول والده وهرولت أمه لدى سماعها صراخ طفلها ..
نظر الأبوان إلى بعضهما البعض أمام هذا الطلب الغريب..
وكمن تذكر شيئا مهما قال الأب: حسنا ولكن، هل تعرف أنك لو كبرت الآن قد يتركك صديقك بشار، ليبحث عن صديق في مثل عمره، كما أن بنت الجيران تالا لن تأتي لتلعب معك، لأنك كبير.. وأيضا.. لن يسمح لك باللعب بالسيارات..
وسيكون عليك أن تذهب للعمل، وشراء حاجيات البيت، ودفع النقود للتلفون والكهرباء والحارس، عدا عن تصليح الخزانة والمساعدة في تنظيف البيت .. كما أننا سنضطر لجمع ألعابك من غرفتك لتقديمها لأطفال الأقارب والأصدقاء.. على أي حال سأسأل، إن كان ذلك ممكنا..
صمت قيس فجأة وبدا مفكرا..
في حافلة المدرسة جلس قيس كعادته في المقعد الذي يلي السائق
لم يكن العم نعيم كعادته ، لم ينتبه إلى قيس يلقي عليه تحية الصباح
سمع مرافقة الأطفال في الحافلة تسأله: هل غادر ولدك المستشفى؟
...
...في اليوم التالي
أثناء متابعته لبرنامجه المفضل عن الأسود..
نادى قيس على والده: بابا .. بابا.. لماذا لا أكون حيوانا.. أريد أن أكون أسدا
في تلك اللحظة أطل من شاشة التلفاز أسد يمشي مترهلا، بعينين منكسرتين، وسحنة بدت له بلهاء، محاط بسياج من الحديد..
التفت كل منهما إلى الآخر وأطلقا معا قهقة مدوية..
rabeea.alnasser@gmail.com