كنترول كما هو معروف لفظ إنجليزي يعني السيطرة والتحكم والضبط وما نحو ذلك ، ويتداول في كثير من البلاد العربية . ويُطلق في بعضها على الجهة المسؤولة عن نتائج امتحانات الجامعات ، كما أطلق على عملية تصوير أعمال فاضحة تقوم نسوة شهيرات مع رجال من أصحاب المراكز الحساسة لابتزازهم في دولة عربية اشتهر فيها فساد جهاز المخابرات ، وغير ذلك من استعمال وتداول للفظ . وينحصر نصيبنا في الأردن باعتقادي من استخدام كلمة كنترول في إطلاقه على " المُحصّل " لأجور ركوب حافلات نقل الركاب ، وعلى من يقوم بإرشاد رواد دور السينما إلى مقاعدهم فيها .أشاهد وأدرك وأسمع باعتباري " زبون " دائم أستقل الحافلات ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، أن " كنترول الباص " عمل – لا أقول مهنة – لا يحتاج إلى أي مؤهل من خبرة أو مهارة . ويضرب فيه المثل في الأردن لأقل الأعمال درجة ومكانة . ويعتبر مشهد شاب في مقتبل العمر ، بكامل الصحة والعافية ، مشهدا تقليديا للكنترول ، لم يستحم منذ أيام ، طويل الأظافر ، يتناول المرطبات أو المشروبات الساخنة ، ويدخن باستمرار ، ويتبادل اللفائف مع سائق الحافلة ، وينظر إليه ليرى فيه نفسه بعد اجتياز فحص قيادة الحافلة ، إذ يكاد يكون إنتقال الكنترول من دور المحصل إلى سائق أسمى ما يسعى إليه.
ينحصر دور الكنترول في مناداة القريب والبعيد من الركاب المحتملين والمتوقع ركوبهم الحافلة ، وحشر الركاب داخلها ، والقيام بدور " الناخي " لروح العروبة في نفوس الركاب للتخلي عن مقاعدهم للصبايا الذين ضاقت بهم مقاعد الحافلة المكتظة ، ليقوم بعد ذلك بجمع الأجرة المقررة ، حيث يتجاهل إعادة ما تبقى لبعض الركاب من بقية ما دفعوه له . ومن مهامه سؤال الركاب عن مواقف نزولهم القادمة من الحافلة ، وتنبيه السائق إلى نقطة التوقف القادمة حتى يعد للأمر ما يحتاجه من التحول إلى يمين المسرب بمسافة مناسبة . ولا بأس من الطلب من الركاب الواقفين الانحناء أو إسدال ستائر الحافلة حتى لا ينتبه رجال السير لمخالفة الحمولة الزائدة . ويمارس بعض " الكنترولية " خفة الدم واستعراض لظرفهم المزعوم مع الصبايا ، والبقاء ملاصقا لباب الحافلة عند نزول الركاب والراكبات ، وكأن في المكان متسع لأجساد الجميع !! .
يمكن الاستغناء كلية عن عمل الكنترول فراتبه ضئيل جدا مقارنة لما يمكن لشاب مكتمل الصحة والعافية أن يتقاضاه حتى بدون خبرة ومن ذلك " رفع الباطون " في ورش البناء على سبيل المثال ، والراتب الفعلي للكنترول أقل من أن يسمح له بالتدخين حتى لو وضع لفائف أرخص الأصناف في علب أصناف مشهورة ، أو بدفع كلفة مكالمات الهاتف الخليوي الذي يحمله إن كان لا يزال رقمه قيد الخدمة .
شباب الوطن : اعملوا عملا نافعا ، وابحثوا عن عمل منتج مفيد ، وأتقنوا مهنة نافعة ، عمل الكنترول هو آخر الأعمال التي يمكن أن يعمل بها شاب مكتمل الصحة والعافية ، مئات الألوف من العمالة الوافدة تتقاضى الملايين من الدنانير ، هي حق لكم قبل أن تصبح حقا لهم ، لتكن الأولوية لكم .
كلمة أخيرة : قرأت منذ أيام إلغاء الجهات الرسمية لعمل الكنترولية في الحافلات ... تحية لمتخذ القرار ولمن سينفذه .
haniazizi@yahoo.com