ملامح الحروب القادمة في سوريا
رومان حداد
06-07-2017 01:37 AM
أذاعت القيادة العامة لجيش النظام السوري في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، بياناً مصوراً أعلنت فيه عن تشكيل (الفيلق الخامس)، للعمل إلى جانب «باقي تشكيلات القوات المسلحة والقوات الرديفة والحليفة لإعادة الأمن والاستقرار إلى كامل الأراضي السورية.
تلا الإعلان عن تشكيل الفيلق إطلاقُ حملة إعلامية منظّمة تستهدف حضّ المواطنين على الانتساب إلى الفيلق، وتم تجييش الفعاليات الدينية والعشائرية والاجتماعية في هذه الحملة بصورة لافتة. فقد قامت وزارة الأوقاف بإرسال كتاب إلى أئمة المساجد تحضّهم على تحريض المصلين على الانتساب إلى الفيلق. كما قامت شركتا الاتصالات الخليوية بإرسال رسائل تشجيعية إلى المشتركين فيها.
إضافة فيلق خامس إلى الجيش، بعد عام تقريباً من إضافة فيلق رابع، خطوة لافتة للانتباه. ويبدو أنها تأتي كخطوة لمعالجة عدة إشكاليات منها إنهاك وترهل فرق الجيش السوري عموماً، ومحاولة ضبط المؤسسة العسكرية التابعة للنظام السوري على المديين المتوسط والبعيد. كما يحاول هذا الفيلق توفير الترتيب القانوني لإدماج الميليشات التي تم تشكيلها خارج إطار الجيش، وفتح المجال التنظيمي والقانوني أمام إدماج الفصائل المعارضة التي تقبل بالتسوية السياسية ضمن مؤسسة الجيش، ومحاولة إنهاء حالة الفوضى التي سببتها الميليشيات الموازية للجيش خلال السنوات السابقة.
وتتنافس جهتان في السيطرة على مؤسسات النظام الأمنية والعسكرية والسياسية، وهما إيران وروسيا. وتُشير التقديرات إلى أن الدولتين تدخلان في حالة صراع صامت، وتحاول كل منهما توسيع نفوذها بشكل يضمن لها حصة أكبر في أي حل سياسي مقبل.
ومن المؤكّد أنه لا يمكن للمؤسسة العسكرية السورية أن تقوم بالإعلان عن أي تشكيل جديد دون موافقة إحدى أو كلتا هاتين الدولتين اللتين تقومان فعلياً بكل الأعمال الميدانية الرئيسية في سوريا.
ويُرجح مراقبون أن يكون (الفيلق الخامس) روسي الانتماء، لاعتبارات أهمها تصريحات المسؤولين الروس، حول إمكانية إدماج فصائل من المعارضة، وخاصة في المناطق التي تخضع للمصالحات، ضمن مؤسسة الجيش، والإعلان الروسي عن نية الجيش الروسي تقديم خدمات التدريب والخدمات اللوجستية للفيلق الجديد، فيما لم يُسجّل أي إعلان إيراني مماثل، أو حتى تصريحات سياسية متفاعلة.
وفي حال تأكّد وقوف الطرف الروسي خلف تشكيل الفيلق، فإنّ المستهدف الأساسي من تشكيله ستكون «قوات الدفاع الوطني» التي تُشرف عليها إيران، حيث سيمثل الفيلق في هذه الحالة توازناً داخل المؤسسة العسكرية بين الطرفين الروسي والإيراني، وسيمنع فرض طهران لرؤيتها فيه هذه المؤسسة.
وبكل الأحوال، فإنّ من المبكر الحكم على (الانتماء السياسي) للفيلق قبل اكتمال تشكيله، وإسناد مهمات فعلية له، وهو ما يمكن أن يتّضح خلال الأشهر القليلة القادمة.
وعلى الجانب الكردي تمثّل (بيشمركة روج آفا) مشروعاً عسكرياً مؤجّلاً، فهي بالرغم من الدعم الدولي والإقليمي الذي تحظى به، والحجم الكبير نسبياً لعناصرها، إلا أنها ما زالت بعيدة عن الأضواء، وبعيدة عن المناطق التي يُفترض أن تتواجد فيها.
لكن هذا الابتعاد الآني لا يعني غياب الدور المستقبلي. حيث يُعتقد أن (بيشمركة روج آفا) ستكون حاضرة في أي ترتيبات سياسية ستشمل المناطق الكردية، باعتبارها ضمانة لأطراف إقليمية ودولية في هذه المناطق، وهو ما يفسّر الموقف الحاد لحزب الاتحاد الديموقراطي تجاهها.
وشهد يوم 3/3/2017 حضوراً نادراً لبشمركة روجا آفا في الأحداث، حيث دارت بينها وبين وحدات حماية الشعب في منطقة سنجار/شنـكال داخــــل أراضي كردســـتـــان العــــراق مــــواجـــهات هـــــي الأولــــى من نوعـها. وحصلت الاشتباكات عندما حاولت البيشمركة التمركز في نقطة قريبة من الحدود السورية في المنطقة، الأمر الذي دفــع عنــاصر حـــزب العمال، فيما يُـــسمى بـ (وحدات حماية شنكال) لإطلاق النار عليهم لمنعهم من التمركز هناك.
وتعتمد (بيشمركة روج آفا) على نظام الرتب العسكرية حيث تم ترقية الكثير منهم إلى رتبة ملازم، وملازم أول، مع تواجد عدد قليل ممن يحمل رتبة (نقيب، ورائد) وهذا ما لا تعتمده وحدات حماية الشعب.
قائد (بيشمركة روج آفا) هو النقيب (دلوفان روباري)، والمتحدث باسم (بيشمركة روج آفا ) هو الرائد (شرفان درويش/حسين تمي).
يقدر عدد عناصرها الحالي بما يقارب (10,000-15,000) عنصر، علماً أنّه لا توجد أرقام رسمية معلنٌ عنها من قبل قيادة (بيشمركة روج آفا). وتتواجد عناصر نسائية بين بيشمركة روج آفا، إلا أنّ عددهن قليل ولا يتجاوز العشرات.
يتقاضى كل عنصر من (بيشمركة روج آفا) راتباً شهرياً من (وزارة البيشمركة) يتراوح بين (800–1200) دولار أميركي، ويكون التفاوت في الرواتب بحسب الرتبة العسكرية، والحالة الاجتماعية، حيث تكون رواتب المتزوجين أعلى من رواتب غير المتزوجين.
وتجري الآن عدة دورات تدريبية للمتطوعين الجدد في صفوف (بيشمركة روج آفا) يقدر عددهم بين (5000- 8000) عنصر، ومعظمهم من اللاجئين من الأكراد السوريين في إقليم كردستان العراق.
عسكرة المنطقة لم تعد متوقفة على الجيش التقليدي بل على ميليشيات وفيالق جديدة بانتماءاتها وتمويلها، وهو ما يُعطي مؤشرات إلى أن الحروب القادمة ستكون ساخنة، ولن يتم أمر قبل توزيع المناطق على الأرض، وذلك لن يتحقق إلا بجيوش وفيالق مشاة ومدرعات.
الرأي