لا اعرف مصدر التسريبات، عن ضغوطات لتجنيس السوريين، في الاردن، لكن الارجح، ان هذه مجرد فقاعة صابون، فلا احد يتحدث دوليا، او محليا، عن توجه من هذا القبيل .
السوريون في الاردن، نوعان، اذ هناك كتلة كبيرة، تعيش في الاردن منذ احداث حماة، مطلع الثمانينات، وهذه لم تحصل على الجنسية حتى اليوم، وهناك اكثر من مليون ونصف المليون شقيق سوري، دخلوا الاردن منذ الازمة السورية الحالية.
برغم الخلاف في التقديرات حول الرقم الحقيقي، لعدد السوريين الاجمالي، في الاردن، الا ان احدا لا يتحدث نهاية المطاف عن تجنيس هؤلاء، ولا هم يتطلعون الى التجنيس.
في تقديرات لمسؤول اردني رفيع المستوى، قبل ثلاثة شهور، فإن عدد السوريين الذي قد يعود الى سوريا، اذا توقفت الحرب، لن يتجاوز الثلاثمئة الف سوري، وفي تقديرات اخرى، لسفيرة غربية، قالتها لمسؤولين اردنيين قبل ثلاثة اعوام، فان على الاردن ان يستعد لبقاء السوريين في الاردن طويلا، لمدة لا تقل عن خمسة عشر عاما.
تقدير السفيرة، وقد اشرت اليه، في مقال سابق، منطقي، لان توقف الحرب، لا يعني ان السوريين سوف يعودون اليوم التالي، واغلب الذين سيعودون هم ملاك الاراضي والعقارات، فيما اغلب السوريين في الاردن، هم من فقراء سوريا، اساسا، وليسوا من الطبقة الوسطى او الثرية، وهذا يعني ان هناك عناصر ستلعب دورا في قرارهم بالبقاء او العودة من بينها العامل الاقتصادي.
ذات السفيرة قالت ان عدم عودة السوريين سريعا الى سوريا، حتى لو توقفت الحرب، يعود لعدة اسباب، اولها ان الامن لن يتم استرداده مباشرة، كما ان الخوف من النظام سيبقى قائما، باعتبار ان كل من خرج قابل للمساءلة او التخوين، ويضاف الى ما سبق ان البيئة ستكون ثأرية، فهناك عشرات الاف الثأرات النائمة، بين السوريين، على خلفية الفوضى، ولن يعرض اي سوري، نفسه او عائلته، للعيش في ظل هكذا ظروف.
اما العامل الاقتصادي، فهو يقول ان هناك عشرات الاف الاطفال السوريين، الذين يولدون سنويا في الاردن، وبعضهم ولد في الاردن في العام الاول للحرب، وهو يدخل عامه الاول اليوم في المدارس الاردنية، بعد ست سنوات من الاقامة هنا، وهذا يعني ان ثقافته واشتباكه الاجتماعي، بات اردنيا صرفا، كما ان السوريين العاملين هنا، اشتبكوا اقتصاديا، وباتت لهم مصالح وبيوت، وليس سهلا ترك هذا الاستقرار، من اجل بيئة لن تستقر مباشرة، وفي يوم وليلة على افتراض توقف الحرب.
كل هذا يقودنا، الى ان علينا ان نعرف ان بقاء السوريين سيكون طويلا، وسواء توقفت الحرب او لم تتوقف، فأن القرار بالعودة يرتبط بحسابات كثيرة، واذا كان تسريب المعلومات حول تجنيس السوريين، او منحهم اقامات طويلة، غير معروف المصدر، فالمؤكد اننا امام اقامات طويلة، بفعل الواقع، وليس بفعل التوجه السياسي للدولة، اذ لن يكون ممكنا في اي لحظة، الطلب من السوريين مغادرة البلد، لاعتبارات مختلفة.
معنى الكلام، ان سيناريو التجنيس غير وارد حاليا.
ما يمكن قوله فقط، اننا امام كتلة سورية كبيرة، ستبقى مطولا، استمرت الحرب، او توقفت، فيما اغلب السوريين يجددون وثائقهم وجوازاتهم بشكل طبيعي، مما يجعلهم يحملون جنسيات بلادهم، وليسوا بحاجة الى جنسيات ثانية، الا اذا كانت غربية فقط.
الدستور