يبدو من الواضح أن كثيرا من الاقلام لا ترغب بالكتابة عن الاحزاب الا مجبرة او مكرهة ، فهي لا تزال محشوة برواسب العقلية القديمة التي تشبعت بالتخوفات والارهاصات والتكلسات العتيقة.
السلطات التنفيذية والتشريعية المتعاقبة، والتي جاءت عقب انهاء الاحكام العرفية لم يكن لها دراية بمفهوم العمل الحزبي ، حاولت تطوير تلك المنظومة عبر تشريعات قانونية متتالية خلال ما يقارب ثلاثة عقود، وكان من الواضح جدا ان تلك القوانين فشلت في انتاج عمل حزبي جاد فشلا ذريعا، ذلك انها اعتمدت في صناعة الاحزاب على العدد والتقسيم الجغرافي ونظام اساسي مستنسخ ودعما ماليا، دونما الاهتمام بالقيم الفكرية والاّلية البرامجية لتحقيق الاهداف، هذا ان وجدت.
المنتسبون للأحزاب يدّعون ان فشل احزابهم في محاكاة الشارع ناجم عن الدور التخديري الذي تنتهجه الحكومة عبر سعيها لان تكون الاحزاب واجهات ديكورية كرتونية لإبراز الدور الديمقراطي اما العالم، اما رجل الشارع الذي بالكاد يستطيع تسمية اثنين او ثلاثة من بين خمسين حزب حاصلة على التراخيص الرسمية يدعي بأن تلك الاحزاب هي عبارة عن دكاكين سياسية يسعى مؤسّسوها للحصول على الامتيازات المعنوية والمادية، الحكومة بدورها تزعم انها قدمت كافة التسهيلات المطلوبة لإيجاد بناء حزبي هرمي ذو قواعد شعبية، فترد بذلك الصاع بصاعين متذرعة بأن الاحزاب لا تملك برامج واقعية تخدم الشارع الاردني وتعي متطلباته.
الامر برمته عبارة عن متاهة حقيقة، اختفت فيها بوصلة الاطراف جميعا.
جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين اعز الله ملكه اوضح في اكثر من موقع عبر الاوراق النقاشية الملكية التي قدمها على ضرورة وجود ثلاث تيارات حزبية تمثل اليمين و الوسط و اليسار تسعى من خلال برامجها للتنافس في الوصول لمقاعد المجلس البرلماني عبر انتخابات نزيهة تتمكن من خلالها ان تصبح شريكا حقيقيا في صناعة القرار الوطني.
في المحصلة فأن تجربتي الشخصية تشير عبر مقياس "حزبتر" الى ان الحزب الناجح هو الذي يسعى الى حشد اكبر عدد من المؤيدين و المؤازرين لبرامجه الامر الذي يؤدي الى خلق حالة التنافسية، وان جدية الحكومة في انجاح العمل الحزبي تتطلب وقف الدعم المالي القائم على اساس عدد المؤسسين ونسب المحافظات، وتحويل هذا الدعم مضاعفا لتلك الاحزاب التي تسعى لخدمة الوطن والشعب ضمن الاحتياجات المطلوبة.
قانون اللامركزية يشير بوضوح ان الاردن ودون ادنى شك سائر برسوخ نحو تفعيل الديمقراطية الجادة واتاحة المجال للجميع بالمشاركة في تحديد مسار الوطن وبالتالي بات لزاما على الحكومة والاحزاب التوصل لصياغة تفاهمات جريئة وواضحة وصريحة تقنع الشارع الاردني بأن مستقبل الاطراف جميعا سيكون قائما على مبدأ المشاركة الوطنية.
حسن محمود راشد
امين عام حزب المحافظين
رئيس الدائرة الاعلامية لائتلاف الاحزاب الاصلاحية