لا نعرف دقة التسريبات حول أسرار المفاوضات من أجل إنشاء دولة فلسطينية، أو بالأصح، كينونة فلسطينية، بلا عاصمة، وهذا السيناريو الذي تسرب خطير جدا.
سواء كان هذا السيناريو حقيقيا، او لاختبار ردود الفعل، فإن ما يتم فهمه منه، ان هناك توجها، لانشاء كينونة فلسطينية، قد ترتبط لاحقا بعلاقة كونفدرالية مع الاردن، شريطة تأجيل ملف القدس، الى وقت لاحق، وهذا الوقت اللاحق، لاحد له، ولا نهاية.
هذا السيناريو يضاف الى عشرات السيناريوهات التي تسربت في وقت سابق، وثبت عدم صحتها، فتشاغلنا بها، واكملت اسرائيل مشروع تهويد القدس، والاستيلاء على الضفة الغربية باعتبارها يهودا والسامرا، وهذا هو دأب العرب، منح الوقت مجانا للاحتلال.
القدس تعني أمرين، اولهما الحرم القدسي، وثانيهما المساحة الجغرافية للقدس الشرقية، بما فيها طبعا الحرم القدسي، وفقا لقرارات الامم المتحدة، وهذه المساحة يفترض ان تكون عاصمة الدولة الفلسطينية، والكلام عن تأجيل ملف القدس، يعني الامرين معا.
الكارثة في هكذا سيناريو، ان تأجيل ملف القدس، يعني ان هذه الدولة، او الكينونة، ستكون اول كينونة سياسية في العالم، بلا عاصمة، كما انها تؤشر على مخاطر كبيرة بخصوص الحرم القدسي، الذي قد يبقى حيا دينيا، مع كنيسة القيامة في القدس، ويتاح لاتباع الديانات الثلاثة زيارته او الصلاة فيه، وعزله عن علاقته بالقدس، كعاصمة.
لم يتسرب هذا السيناريو، الا لاهداف محددة، فاسرائيل تريد التخلص من الفلسطينيين، تحت اي عنوان، وبحيث تجد شكلا مناسبا، لادارة الفلسطينيين، باعتبارهم مجرد تجمعات سكنية، وهي ايضا، تريد نزع اهم ملف بيد الفلسطينيين، اي القدس، تحت مسمى جديد هو تأجيل الملف، فقط.
هذا الامر ان تم، فهو يعني نهاية ملف القدس كليا، ونزعه من يد الفلسطينيين والعرب، باعتبار ان هناك كينونة او دولة قد قامت، ضمن مواصفات محددة، والارجح ان واشنطن تريد هذا السيناريو، لانه يخلصها من مشكلة الفلسطينيين، اولا، ولانه يحفظ القدس موحدة لليهود، دون غيرهم، باعتبارها عاصمة اسرائيل.
لماذا ضحى الفلسطينيون اذا بكل هذه الارواح من عشرات الاف الشهداء والاسرى والجرحى، اضافة الى ملايين اللاجئين، لتكون النتيجة النهائية، البحث عن حل لدولة بلا عاصمة، ورمي اعباء ادارة هذه التجمعات السكانية، يمينا ويسارا، باعتبار ان العبء هنا، عبء امني، فقط، وبحاجة الى طرف، يكون قادرا على ادارته؟!.
الشهور الثلاثة المقبلة، حساسة جدا، على الفلسطينيين والعرب، والاغلب ان هناك مخططا، لتسوية القضية الفلسطينية، بطريقة ما، بعد ان تم انهاك الفلسطينيين والعرب، توطئة لهذه الساعة، وهذا يعني ان على الشعوب ان تكون يقظة اولا، لما هو مقبل وآت، خصوصا، ان كل المؤشرات تقول، ان لا حسبة لهذه الشعوب، في ميزان الحل الذي يتم اعداده، فإسرائيل اليوم، محظية، بشعوب جوارها مدمر، ودعم قوى العالم لها.
تأجيل ملف القدس يعني بشكل واضح وصريح، التنازل عن القدس الشرقية لاسرائيل، وتقديم القدس الموحدة هدية على مائدة المفاوضات، فيما التذاكي على شعوب المنطقة، بصون حق الصلاة والعبادة، في الحرم القدسي، باعتباره حيا دينيا، تتداخل فيه صلاحية اكثر من طرف، تذاكٍ مذموم، لانه يراد عبره التعمية على ضياع القدس، باعتبارها عاصمة الشعب الفلسطينية، ودولته العتيدة!.
الدستور