facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




بندول أوغاريت


م. أشرف غسان مقطش
04-07-2017 05:07 PM

كل يوم حين ينبلج الصباح يذهب إبراهيم إلى مكتبة الجهاد ليشتري صحيفته المفضلة.

وإذ يجوب عناوين الصحف والمقالات بنظرة طائر، توقف برهة أمام عنوان طويل جاذب تقول أحرف كلماته: "محاولة لاستعادة تاريخ فلسطين الحقيقي"، إذ كان عنوان مقالة للدكتور أحمد عيسى الأحمد مدير مركز اللغات بجامعة آل البيت.

راح إبراهيم يحملق في وجه العنوان عله يعرف عما في ملامحه من تاريخ مجهول للصراع الأزلي بين الكنعانيين والعبرانيين قديما وبين الفلسطينيين و"الإسرائيليين" حديثا، وربما يعرف الهوية الحقيقية لتلك الحضارة التي قامت غربي نهر الأردن وعلى سواحل فلسطين خلال الألوف الثلاثة التي قضت نحبها قبيل ميلاد ابن مريم، فاشترى مجلة العربي ع (513) عساه يعرف أيضا أين سيقف بندول أوغاريت بعد طول تأرجح بين حقيقة الكنعانيين ووهم العبرانيين.

وأوغاريت مملكة نبش عنها الحاضر في كنف الماضي دورات عدة للأرض حول الشمس حتى وجدها كنعانية صافية لا تشوبها شائبة واحدة كما أثبتت وثائق اوغاريت الأثرية.

والرقاص إذ يتأرجح بين الحقيقة والوهم فلا بد له أن يتوقف ليقف إلى جانب الحقيقة، ذلك أن الزبد يذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيستقر في باطن الأرض.

عاد إبراهيم إلى منزله الرابض فوق إحدى تلكم الروابي البديعة في منطقة عنجرة حيث الريف الأردني الجميل مطرز بأشجار الزيتون الباسقة منذ العهد الروماني، ودوالي العنب تكسو الطود والواد في حلة بهية حين يهذي تموز بحره.

تناول أحد الكراسي التي صنعت من خشب بلوط جبال عجلون وجلس في الشرفة المطلة على وادي الطواحين حيث نسائم العليل تداعب أهداب جفونه وتبرد الشاي الساخن، إذ تفوح منه رائحة النعناع، وراح يبحث عن الحقيقة في عصور ما قبل الميلاد عبر قراءة تلك السطور.

أثناء ذلك لكم تمنى إبراهيم أن يكون بنو يعرب هم أول من ينزع القناع عن وجه الحقيقة لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن ذلك ان اليهودي الأميركي موشيه منيوحين قد سبقهم قائلا في كتابه (انحلال اليهودية في عصرنا): "منذ أكثر من أربعة آلاف سنة كما تروي قصص التوراة، عاش الكنعانيون في فلسطين!" فانتاب كيان إبراهيم نشوة عارمة خلقت لديه في أغوار باطنه شعورا بأنه يلمس الحقيقة بيديه.

فالتاريخ لربما يكذب أما العلم فإنه لا يكذب، إذ كشفت الاثار في أوغاريت عن هيكل لإله الكنعانيين بعل -إله الشمس والخصب والإنتاج- يعود تاريخه إلى عام (2600 ق.م.)، قام العبرانيون بسرقة نموذجه فيما بعد ليبنوا على منواله هيكل سليمان.

وأثبتت الدراسات العلمية والأبحاث التاريخيةّ بما لا يدعو للشك أن العبرانيين قد قاموا بسرقة أدبية كبيرة للأدب الأوغاريتي من مفردات، وأفكار، وأوزان شعرية، وتراكيب أدبية أدخلوها في كتاباتهم لأسفار التوراة.

ارتعشت يدا إبراهيم وهما تلمسان وجه الحقيقة ذا البراءة الطفولية لكنه ما لبث أن قرأ الشهادة التالية لكيت وايتلام في ختام المقالة حتى قبل الحقيقة على شفاهها إذ تقول: "إن تاريخ "إسرائيل" القديمة يبدو لحظة قصيرة في التاريخ الفلسطيني القديم!".

ارتشف إبراهيم قليلا من الشاي وطوى المجلة وراح ينظر انعكاس أشعة الشمس الذهبية ساعة السهام عن قلعة عجلون، بينما تستلذ ذاته طعم الزهو بنصر الحقيقة وهزيمة الوهم.

والرقاص توقف عن التأرجح ليقف إلى جانب الحقيقة الأزلية وهي أن فلسطين ارض عربية مذ قال ساكن السماء: "كن" فكان ما كان، قام العبرانيون فيما بعد بغزوها ونهبها لينسبوا لأنفسهم حضارة لا تمت لهم بصلة من قريب أو بعيد.

وهذا ما يؤكده العلامة غوستاف لوبون الذي تكلم عن المجتمع اليهودي قائلا: "إن تاريخ بني إسرائيل لا يبدأ بالحقيقة إلا في عهد ملوكهم، فقد كانوا أقل من أمة حتى زمن شاؤول...كانوا مجموعة غير منسجمة تتألف من قبائل بدوية صغيرة، تقوم حياتها على الغزو والحرب وانتهاب القرى الصغيرة حيث تقضي عيشا رغيدا بضعة أيام تعود بعدها إلى حياة التيه والبؤس".





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :