المخدرات .. التتبير في فن التخدير
24-12-2008 03:05 PM
أرجو أن لا أجانب الصواب فيما سأكتب فيه هنا ، وهو ليس دفاعا ولا هجوما عن أو ضد أي جهة بعينها .. ولكن للمعلوماتية وحصر فكرة معينة لفائدة عامة فقط :
فقد سبق وأن كتبت كثيرا في قضية المخدرات وما يدور في فلكها ، وما كسبته سوى العداء ، وأصبح بيني وبين البعض ما صنع الحداد .. ولكن ما أحسسته على مرّ سنين خلت وكأنني أقدم لفائف الماريجوانا و حشيشة الكيف ، فيزداد السائل والمسئول " تسطيلا وسطلانا وسلطنة " ، فيثور للحظة يحس ان فيها اتهامية ، ثم لا يلبث الأمر أن يذهب كزوبعة مرت من أمام قصورنا وتاهت في قفارنا !
يعلق كثير من الأخوة القرّاء والمهتمين حول مسائل تتعلق ببؤر المخدرات والإستقواء على النظام الأمني ، ولا يخلو موضوع إلا ويطرح أسماء بلدات ومناطق بعينها كمنابع أو "غرزات " لتصدير المخدرات نحو الداخل الاردني المحلي لذلك أرجو أن أوفق في توضيح ما استطعت لهذه المسألة :
لا شك إن هناك زمرة فاسدة من شباب " يروجون ويبيعون المخدرات " و لا يتعدى عددهم سبعة أشخاص تتراوح أعمارهم من 18 وحتى 30 عاما في بلدة "كاللبن " التي يسكنها أكثر من 4000 نسمة من أهلها الأصليين ومن أحياء كاملة لا يمتوا لها بنسب قربى إلا بصلة السكنى ، وعليه فإن وجود تلك الزمرة الفاسدة يماثل وجود شلل الزعران والبلطجية في أي حي من أحياء المدن الأخرى .
وقد وصلتني كما وصلت الجهات المسؤولة أيضا كثير من الشكاوى من أهالي تلك البلدة تتعلق بمخاوفهم بل وبمأساتهم لوجود تلك الشرذمة التي ترتبط بعلاقات مميزة مع كثير من الشباب والفتيات من أبناء الذوات والمقتدرين والمروجين في العاصمة عمان .. وعليه فإن العديد من المتعاطين والمروجين في العاصمة والمدن الرئيسة يأتون الى أولئك الأشخاص بهدف شراء ما وصلهم من مواد يبيعها لهم تجار يأتون بها من الحدود الشمالية للمملكة ، ولكن المشكلة تتمثل في عملياتهم القذرة تتم خارج البلدة ، وتستطيع الأجهزة الأمنية اصطيادهم خارج حدودها ، فهم تحت البصر وليسوا أشباحا لا ترى .
ثم هناك أشخاص كثر في عدد من قرى البادية الوسطى وألوية جنوب عمان والبادية الشمالية والجنوبية وفي الجامعات وملتقيات السهر والسمر ، اصبحوا يشكلون تهديدا اكثر من هؤلاء الصغار ، ولكن المصيبة ان إسما كقرية "اللبن" قد فاز بالسبق حيث التصقت بها التهمة لوجودها قرب العاصمة وتمركز نيف من الاشخاص يقترفون تلك الأعمال ، وعلى ذلك فقد أغفلت باقي المناطق والمدن في المملكة ، ولعل إدارة مكافحة المخدرات تملك إحصائيات عن المناطق الأكثر ترويجا في المملكة ولا أدري هل تخفيها أم إن إدارة القضية لها محاذير معينة .
من ناحية أخرى فقد استشرت ظاهرة تعاطي والاتجار بالمخدرات في كثير من مدن وقرى الاردن بشكل أكثر خطورة مما يحصل في مناطق اللبن والشونة ومعان التي حفظ الناس أسماءها دون مراعاة الأغلبية الساحقة من أهلها الذين يتصفون بكرم الأخلاق ، ولا يضيرهم وجود مجموعة مارقة في مناطقهم إذا ما تجاوزنا قضية المسؤولية الجماعية التي دمرتها سياسات الليبرالية التحررية والانفتاح الكامل على الحريات الشخصية المطلقة ، ولهذا فان التركيز الببغائي على تلك المناطق شتت الجهد الإعلامي والثقافي والأمني عن التركيز الفعلي على بقية مناطق المملكة .
المسألة باختصار .. أن قضايا الإتجار والترويج للمخدرات هي أهم بكثير من مسألة التعاطي والإدمان ، وانا أجزم بأن ( الحنفية ) التي تضخ المواد المخدرة معروفة للجميع وأنابيبها تمر عبر الحدود الشمالية فإذا ما أغلقت تلك الحنفيات ستموت جماعات الفئران كلها وحينها نستطيع القول إننا بدأنا بالقضاء على تلك الآفة .
فليس صحيحا ما يشاع عن ان هناك ( مزارع ومصانع ومتاجر ) للمخدرات في الأراضي الأردنية ، وهذا يدخل في باب محاولة التعتيم على قضايا التهريب التي لا تقبض الأجهزة المعنية على فاعليها او إحباطها إلا عن طريق المعلومات الاستخبارية من أصحاب الضمائر الحية او أفراد جهاز المكافحة الذين يتلقفهم الحتف تلقفا ، حينما يجازف أحدهم بحياته أمام مراهق يحمل روحه على كفه القابضة على مسدس .
ولو أسعفتنا مساحات الكتابة والقراءة لأوردت قصصا تندى لها الجباه ، لأسر محطمة مهشمة استبيحت أعراضها وأموالها نتيجة سقوط أفرادها في براثن هذا الغول ، ولكن للفائدة فإن هناك فئتين تنتشر فيها هذه الآفة بكثرة :
الأولى الطبقات الفقيرة والثانية الطبقة الغنية .. فالأولى يدفعها الوضع المالي المتردي الى الاتجار بتلك السموم والترويج لها كباعة فرعيين للتجار الكبار ، والثانية هي الفئة المستهلكة لتلك المواد المخدرة ، ولأن معظمهم يتصادف انهم من أبناء الأسماء المالية والمناصبية والعشائرية الزائفة ، فلا أحد منا يتحدث عنهم وتلك هي القاتلة .. فمن منا يمتلك الشجاعة الأخلاقية والأدبية ليعترف بأن ابنه أو ابنته مدمن او متعاط للمخدرات ؟ حينها فقط نضع أقدامنا على أول خطوة نحو الحل الفعلي .
وهنا لا بد أن نحذر من البؤر الاستهلاكية للمخدرات والمتمثلة بعلب الليل كالنوادي الليلة والمراقص والديسكوهات والكافي شوب التي يجتمع فيها أبناء علية القوم الذين يسبحون في بحور أعمالهم وتجاراتهم وينسون شواطئ أبناءهم الذين ينامون فيها عراة في العرّاء .
وكنا نتمنى ان تتطرق المباحثات الرسمية مع الأشقاء في سوريا حول حماية الحدود من الجهتين لضبط عمليات التهريب التي تأتي أكثرها من لبنان المصدر المورد والمصدر .
لن ندفن رؤوسنا في "الوحل " .. لان تلك القضايا كتبنا عنها كثيرا وتمنينا كثيرا التخلص من وجودها ، وحان الوقت لان نضبط سوقها في الأردن من شماله أولا وحتى جنوبه من جهة من جهة أخرى وضع تشريعات قانونية اشد تجريما وعقابا من هذه المتعامل معها اليوم ، والتي توفر لسجناء المخدرات "مهاجع فندقية " داخل السجون .
وأخيرا لن نطالب بتغيير قيادات الأجهزة المعنية ، بل نطالب بان تتكاتف الجهود لحرق تلك الأشواك التي نبتت في قرانا ومدننا ومخيماتنا ، ونشد على يد جهاز مكافحة المخدرات ونطالب بدعمه ومساندته بقوة ضاربة ، لا تقف عند حدود منطقة معينة .
ومن يدافع عن أبن عائلته الغارق وسط هذه القذارة فليجرّم أيضا ، ولتسحق عصا السلطة تلك الفئران التي عاثت فينا فسادا وإفسادا ، ولتقطع السلطات بالفؤوس تلك الرؤوس التي تتدخل بإخلاء أو تكفيل أي مجرم يتعامل بتلك الآفة فذلك ضرب من العهرّ الاجتماعي والاخلاقي .. والشواهد كثيرة على تلك التدخلات ، و " الطبطبات " على بعض الأسماء ، التي ستبقى تطاردها لعنة الله ولعنة الصادقين ، بما كسبت أيديها من تدمير لحياة شباب وفتيات وبيوت سترها الله وفضحها الأراذل .
Royal430@hotmail.com