لم يكن هناك ثمة ما يدعوا للحديث او الكتابة طيلة شهر رمضان المبارك ، فالأمور بخير بل هي ممتازة ، عبارة يرددها كبار المسؤولين في وطني ، و هم صادقون في قولهم ، فهم يجلسون على المقاعد الوثيرة ضمن مكاتب فاخرة و يركبون سيارات فارهة لا تعبئ بحفريات شوارعنا و لا يعنيهم سعر لتر البنزين التي تستهلكها طالما انها تكون ممتلئة دائما بالخير ، اللهم لا حسد.
جاء رمضان شهر الخير مبتسما و رحل سعيدا ، سعد به من سعد و شقي من شقي ، صفدت شياطين الجان ، و تركت شياطين الانس على حريتها ضمن مساق الديمقراطية التي استوردناها ، فهي لا تسمح بالتحجيم ، صلوات اقيمت و ادعيت تطايرت الى السماء توجه بها أئمة مساجدنا الى الله العلي القدير ، يتبعهم عشرات الالاف من المبتهلين الراجيين استجابة الدعاء ، منهم من دعا الله ان ينتقم من الجبارين الظالمين الذين ابادوا شعوبهم و منهم من دعا ربه ان ينتقم من مؤججي الفتن و الارهاب ، و قليل منهم دعا الله على استحياء ان ينتقم من بني اسرائيل ، فالحال تغير الى غير حال ، و اصبحت امة العرب تخرب بيوتها بأيديها و ايدي المناضلين ، و على كل الاحوال لم نرى لليوم دعوة استجيبت او رجاء قد تحقق ، فلا حول و لا قوة الا بالله .
في الاواخر من ايام الشهر الفضيل و كالعادة تدفقت جيوش من النساء و الامهات الى الشوارع المكتظة بالمحال التجارية لشراء ملابس العيد لأبنائهن و بناتهن كل حسب قدرته ، الاباء يعتصرون الما على الراتب الحزين و يتفكرون في الايام البواقي للوصول الى الراتب القادم ، الشوارع لم تعد قادرة على التحرك بالمتجولين ، طوابير السيارات تغلق الطرقات و بعض افراد دوريات السير ان تواجدوا لا حول لهم و لا قوة اللهم تحرير المخالفات بدلا من تنظيم السير ، الكثيرون يدركون ان السبب المباشر في هذه الازمات امانة عمان و البلديات التي سمحت بتحويل صفة استعمال تلك الاراضي المقام عليها المحال و المكاتب استرضاء لمالكين أو طمعا في عوائد التنظيم دون التطرق لضرورة ايجاد مواقف عامة مدفوعة الاجر تخدم المواطنين.
الادهى و الامر هي تلك المجموعات الشابة التي ندعي و نفاخر انها ستكون رجال الغد ، التي استمرئت الوقوف في حلقات ليلية في الشوارع لتمارس ما لا يليق من تصرفات امام المارة ، ظاهرة اكدت ان مجتمعنا الاردني لم يعد يحافظ على الكثير من قيمه و مبادئه ، و اكدت لنا اكثر ان مؤسساتنا الاسرية البيتية و مؤسسات التربية و التعليم الحكومية و الخاصة و حتى الجامعات و كذلك المؤسسات الدينية اصابها شلل او خواء ، حتى اصبح المظهر في حياتنا اكثر اهمية من الجوهر .
بات علينا ان نعترف ان زمن الاحكام العرفية كنا اكثر ادراكا لمفهوم الديمقراطية الحقيقية مما نمارسه اليوم ،
ايها السادة ان الاردن وطن لمن حرث ارضه بيديه ، و روى ترابه بعرق جبينه ، و ليس لمن اتخذ من وطني محطة ترانزيت يتزود برقم وطني ليأمن من خلاله بوائق الدهر.
لقد ان الاوان ايها السادة ان نعيد بناء مفهوم الانتماء للوطن لنحافظ على عزته و مجده و كرامته .
امين عام حزب المحافظين
رئيس الدائرة الاعلامية لائتلاف الاحزاب الاصلاحية