هل الحل في التوجه للتعليم المفتوح؟
الدكتور احمد القطامين
02-07-2017 10:56 AM
مع الازدياد المتواصل في كلفة التعليم ومتطلبات ابقاء مستوياته عند الحدود التي تتماهى مع المعايير الدولية،اصبحت الطريقة التقليدية في تنفيذ العملية التعليمية قليلة الجدوى، وتفرض اشكالات كثيرة وتفشل في تقديم حلول عملية للمشكلات البنوية والتطبيقية المعروفة التي تواجهها منظومة التعليم في بلادنا.
ان ازدياد اعداد الراغبين في اكمال تعليمهم العالي في الاردن من اردنيين وغيرهم، وتنوع اشكال القبول من قبول تنافسي موحد وموازي ودولي وغيرها من الاشكال ادى الى ضخ اعداد كبيرة من الطلبة في الجامعات بما يتجاوز الطاقة الاستيعابية لها، واحيانا بشكل مفرط، مما انتج ضغطا هائلا على موارد الجامعات وبنيتها التحتية وأدى، من جملة ما أدى اليه، الى اضعاف جوانب معينة من العملية التعليمية في بلد عرف تاريخيا بمستويات عالية من جودة التعليم فيه.
لقد كان التعليم العالي في الاردن يتمتع بميزة تنافسية لا تضاهى على الاقل اقليميا، الا ان اشكاليات التمويل واستقطاب اعضاء هيئات تدرسية مؤهلين واشكالية اختيار القيادات الاكاديمية ساهمت في احداث ثغرات مهمة في جدار التعليم الذي اتصف بالمتانة والقوة سابقا.
مع السعي الوطني الاردني الحثيث على مستوى الدولة والاوساط الاكاديمية لايجاد حلول لوقف سلسلة التراجع في مستوى التعليم العالي طرحت الكثير من الاقتراحات لمعالجة الوضع،الا انها في اغلب الاحيان كانت محاولات محدودة وغير منظمة لابتكار حلول قابلة للتطبيق والاستمرار. ولعل ابرز تلك الافكار التي طرحت ولم تحضى بعد بالاهتمام المطلوب هي فكرة انشاء منظومة متكاملة للتعليم المفتوح.
التعليم المفتوح ليس انتسابا، حيث يخطئ الكثيرون في ادراك المعنى الحقيقي له، بل هو نظام تعليمي "مدمج" يتضمن المحاضرات المباشرة التقليدية واللقاءات المتواصلة اونلاين وافساح المجال للطالب للمشاركة الفعالة بشكل كبير في العملية التعلمية بحيث لا يتمكن الطالب من البقاء على مقاعد الدراسة دون انغماس فعال في العملية التعلمية، وهذا يقود بالطبع الى تمكين الطالب من القيام بدور رئيسي في العملية ويجنب النظام التعليمي اشكالية التلقين وضعف مساهمة الطالب في عملية التعلم.
تعتبر الجامعة العربية المفتوحة بفروعها التسعة في الوطن العربي الجامعة الوحيدة، الى جانب جامعة القدس المفتوحة، في المنطقة العربية التي تتبع نظام التعليم المفتوح المدمج بشكل متكامل تحت اشراف مباشر وفعال من الجامعة البريطانية المفتوحة التي تحكم رقابة اكاديمية حثيثة على الاداء الاكاديمي فيها.
لقد امضيت ثمانية وعشرون عاما في التعليم الجامعي في جامعات مختلفة وفي ظل انظمة تعليمية متباينة منها على سبيل المثال عدة سنوات في الجامعات الامريكية وفي جامعة الامارات العربية المتحدة وسنوات طويلة في العديد من الجامعات الاردنية وامضيت السنوات الاربع الماضية في الجامعة العربية المفتوحة- فرع الاردن، وفوجئت في الواقع بانني اتعامل ضمن نظام تعليمي محكم وفعال، لم ارى سابقا نظاما تعليميا يرتقي الى مستوى جودته وكفاءة الانظمة الجامعية المساندة للعملية الاكاديمية فيه ، لذلك لم افاجأ عند تصنيف طلبة كلية الاعمال في الجامعة العربية المفتوحة- فرع الاردن في قمة الاداء في تصنيف امتحان الكفاءة الجامعية في الاردن ولعدة سنوات متتالية.
خلاصة الحديث، ان فكرة التعليم المفتوح تعد من الافكار التي يجب دراستها بعمق بعد الاطلاع التفصيلي على تجربة الجامعة العربية المفتوحة والاطلاع على تجارب عالمية مشابهة كالجامعة البريطانية المفتوحة التي تصنف في قائمة اقوى الجامعات في العالم والجامعة الماليزية المفتوحة ذات السمعة الاكاديمية المتميزة في جنوب شرق اسيا وجامعة القدس المفتوحة.
وقد يكون من المفيد ان يقوم وزير التعليم العالي الاستاذ الدكتور عادل الطويسي المعروف بديناميكيته الشخصية المشهودة وميله الحثيث اتجاه فكرة تحديث التعليم، ان يقوم بتشكيل لجنة وطنية من الاساتذه ذووي الباع الطويل في التعليم لإنجاز دراسة تفصيلية حول امكانية الاستفادة من نظام التعليم المفتوح في الجامعات الاردنية، او على الاقل تجربته في تخصص ما في احدى الجامعات الاردنية كمرحلة اولى مثلا.