الشرفات يكتب : هيئة النزاهة ومكافحة الفساد .. احالة ام اقالة ؟
د.طلال طلب الشرفات
02-07-2017 10:16 AM
قرار مجلس الوزراء بإحالة اعضاء من مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد قرار باطل ومنعدم ويفتقر للشرعية القانونية ولا يستند الى اساس ويشكل سقطة قانونية وسياسية غير محسوبة العواقب اوقعت الحكومة ورئيس الهيئة نفسيهما فيها دون مبرر او سند، وتجاوزاً واضحاً لما ورد في الورقة الملكية النقاشية السادسة والتي حددت ضوابط سيادة القانون واهمية الالتزام به حيث جاء فيها ( .... كما أن سيادة القانون تضمن ممارسة أجهزة الدولة لسلطاتها وفق الدستور والقانون. فلا يمكن لدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان أن تعمل خارج هذا الإطار. لذا، تشترك الحكومة وأجهزة الدولة كافة في حمل مسؤولية ما تتخذه من قرارات وسياسات وإجراءات ) .
قرار مجلس الوزراء شكل انتكاسة مفجعة لالتزام الحكومة بدور المؤسسات الرقابية في مراقبة المال العام والثقة العامة وحدد ملامح النكوص عن التوجيهات الملكية السامية في ضرورة تمكين مجلس الهيئة من قيامها بواجبها باستقلالية وحيادية وفق احكام القانون ، وعبر عن تخلي الحكومة عن التزاماتها الدولية المقررة وفق اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد ، وسنجد آثار هذا القرار كما هو الحال في امور اخرى في تقرير منظمة الشفافية الدولية نهاية هذا العام وسنجد اننا وضعنا وطننا في موقف وواقع مؤلم وضار وعندها لا ينفع الندم .
قرار مجلس الوزراء مسرحية مهينة لثوابت التزام الحكومات بالضوابط الدستورية والقانونية واهمها عدم تجاوز الصلاحيات المقررة لولي الامر والتي قررها المشرع بنصوص محكمة ودقيقة تتضمن التعيين بإرادة ملكية سامية وعدم جواز الاقالة الا بانتهاء مدة المجلس والمقررة بأربع سنوات قابة للتجديد مرة واحدة والاستقالة وموافقة جلالة الملك والاسباب الواردة في قانون الهيئة والمحددة على سبيل الحصر ولم ترد الاحالة الى التقاعد من بينها لا بل ان الاحالة على التقاعد قبل اكمال مدة المجلس يفرغ دور الهيئة من محتواه واستقلاليتها من مضمونه.
اسباب الاقالة مريعة ومعروفة وتثير الغضب والاستياء وتستدعي استقالة الحكومة فوراً ودون ابطاء ، سيما اذا كانت الحكومة لا تعلم ان الهيئة تدار من مجلسها وليس من رئيسها ، وأن رئيس الهيئة ليس له اية سلطة رئاسية على اعضاء المجلس ، وأن مجلس الهيئة يستطيع التنسيب بإقالة رئيس الهيئة او أيا من اعضاء المجلس اذا توافرت الاسباب الواردة في القانون .
تصريح رئيس الهيئة لوسائل الاعلام ونفيه ان يكون مجلس الهيئة قد نسب بإحالة اعضاء في المجلس الى التقاعد وان التنسيب قد جاء من الهيئة – والمقصود في هذه الحالة شخص رئيس المجلس – يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك الاختراق المتعمد للقانون وسيادته من الحكومة ورئيس مجلس الهيئة على حد سواء ويستدعي التحقيق في الامر وبيان فيما اذا كان ما حدث يشكل جريمة تستدعي المساءلة وهذا امر يتوجب ان يناط بالقضاء .
كان بإمكان الحكومة ان تصل لذات النتيجة وان تستأذن جلالة الملك في معالجة اسباب عدم انسجام اغلبية المجلس مع الرئيس وان تنتصر لأحد الفريقين بمسؤولية وطنية دون انحياز وتمرير ذلك لمن ترغب في اقصاءه بهدوء ليقدم استقالته ويوافق عليها جلالة الملك ثم يجري تعيين البديل وفق الاصول والقانون وستجد ان الامر لن يكون صعباً ابداً .
ومن الواجب تذكير الحكومة ان احترام الدور الرقابي لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد ليس خياراً لها وان مجلس الهيئة عند اكتمال اعضاءه مطالب بفتح ملف للتحقيق في تغول الحكومة واساءة استعمال سلطتها هي ومن دار في فلكها في هذا القرار من مجلس الهيئة من اجل دفن سابقة خطيرة وقاصمة لجدوى تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في الوطن .
بقي ان اقول ان هيئة النزاهة ومكافحة الفساد مؤسسة وطنية مهمة ولها دور بارز في تعزيز منظومة الامن الوطني وتستحق اكثر من تفريغ حمولة الحكومة الزائدة في مجلس الهيئة وهذه سنة بائسة اعتادت عليها الحكومات في السنوات الاخيرة ، وان الحكومة لا يعيبها ان تعود للصواب وتلغي قرارها الجائر في حق مؤسسة تعتبر ذراعاً رقابياً للدولة الاردنية .
الدكتور طلال طلب الشرفات
عضو مجلس هيئة مكافحة الفساد سابقاً