هل العرب نائمون حقا، أم هم مسحورون، أم إن على قلوب أقفالها،ألا ينظر العرب القادة قبل الشعوب الى هذا العالم المحيط بهم، القريب والبعيد في أقصى شرق آسيا وأقصى غرب الأمريكيتين، فهل يرون من دولة تخوض حربا مع نفسها،وهل تطارد حكومة أبناء شعبها كما نفعل،أو يفرحون لمصائبهم كما نفرح، وهل بقي هناك دولة يتخذ قرارها شخص واحد ويقرر مصيرها السياسي والإقتصادي والعسكري شخص واحد، وهل هناك دولة تقودها العواطف ومشاعر الكراهية والعصبية والقبلية وثأر التاريخ وعقدة التطويع والتركيع كما هو عند العرب؟ أسئلة لا تحتاج الى إجابة بل تحتاج الى قراءة تاريخية،واستشراف مستقبلي لمصير بلادنا بعد العشر سنوات القادمة، حيث يموت الكثير ويولد الكثير من القادة والمواطنين.
إن القانون السياسي الأساسي المحكوم به في منظومة العلاقات الرسمية بين الدول والأنظمة العربية هو عدم التدخل بشؤون الدولة الأخرى،وهذا ما فتحنا أعيننا وآذاننا عليه منذ دخلنا عالم السياسة والصحافة قبل ثلاثين عاما في خضم الصراعات العربية مع أعدائهم الحقيقيين والمفترضين،وبقي هذا القانون العرفي هو الضابط الوحيد الحي حتى اليوم من بين آلاف الإتفاقات والمعاهدات والبيانات المشتركة التي تم التفاهم عليها وتوقيعها بين الدول العربية أو تحت مظلة الجامعة العربية، ومع هذا نرى اليوم مقبرة المعاهدات والإتفاقيات والتفاهمات الأدبية التي تحكم ما يسمى بالعلاقات الأخوية بين الدول العربية،ولكن يبدو أنه قد فارق الحياة ورحل مع الراحلين.
لو حدث في أوروبا ما حدث خلال السنوات العشرين الماضية من نزاع وخلافات سياسية وتدخلات عسكرية في عالمنا العربي الصغير، فكيف نتخيل شكل العلاقات السياسية والاقتصادية والرفاه الإجتماعي والتطور العلمي والصناعي والتجاري والقوة العسكرية في الإتحاد الأوروبي اليوم،هل سيكون كما نراه اليوم في أوج تطوره رغم خطورة خروج بريطانيا من الإتحاد والأزمة اليونانية والتهديد الأمني من قبل العناصر الإجرامية باسم المسلمين،لا نعتقد ذلك،بل سيكون وضعهم أسوأ مما نحن عليه، ولكن هذا هو الفارق ما بيننا وبين العالم الأول، فهناك يسعى الجميع حكاما ومسؤولين وقيادات لخدمة الإتحاد وشعوب الإتحاد والحفاظ على أمنه وخدمة مصالحه المشتركة، لا التآمر على دولة ما أو حصارها أو تركيع وتطويع الناس كما يحدث في عالمنا العربي اليوم ودائما.
إن الخطوة الأولى في تحقيق حلم الإستيقاظ من هذا السبات المتخلف الذي يعيشه عالمنا العربي،هو أن يفكر القادة في شيء واحد وهو أنهم بشر يموتون كما أنهم يأكلون ويشربون، وكما مات من هم قبلهم، ومن هم أقوى منهم عسكريا وشعبيا وأعمق تفكيرا، فجمال عبدالناصر الذي قاد مصر في ثلاث حروب خاسرة، كان يعتبر نفسه قائدا للأمة العربية ومخلّصا لها ومحررا لشعوبها من التبعية الإمبريالية، وأشبع غروره حتى آخر لحظة في حياته حينما ودع آخر الزعماء العرب الذين حضروا قمة القاهرة 1971، ثم في أوج إعتزازه مات فجأة، ولم يستيقظ !
إنظروا الى الدول العربية وليس الخليج فقط، فهل نرى من نظام متصالح مع الآخر، بالطبع لا،ولكن ينطبق على المجتمعين منهم نظريا المثل الشعبي القائل: « رؤوس متوالفة وقلوب متخالفة «، ولذلك رأينا كيف تقتلع زوبعة بسيطة الخيمة الكبيرة بقرار فردي ، فما هو ذنب الشعوب؟ لتصطف إجباريا مع أو ضد إخوتهم ، وضد مشاعرهم وضد لغتهم وضد تاريخهم المشترك.
لقد استوردنا كل شيء من العالم الآخر، إبتداء من مستلزماتنا البيتية وحتى أكبر وأضخم الآلات والأدوات والصناعات الحربية وسائط النقل والمناهج التعليمية والقوانين والأنظمة السياسية والمالية والإجتماعية، ولكننا للأسف لم نقرأ نشرة الإرشادات والنصائح المرفقة، فاستخدمنا كل ما نستطيع استخدامه للإيقاع بالآخر، والتنافس والتنابز والتكبرّ والتجبّر، حتى الإبتزاز السياسي تفننا به لإخضاع الغير لرغباتنا، وكل السلاح الذي نقاتل به بعضنا، هو من صنع العالم الآخر.
لقد أصبحنا موضع سخرية للعالم، الشيء الوحيد الذي تميزنا به هو أن لكل دولة منا كذبة كبيرة تصنع منه واقعا مريرا للشعب ومستقبل الدولة، حتى وصلنا الى ما ترونه اليوم، ملايين اللاجئين على الشواطئ وفي الصحاري ، ومئات الآلاف من القتلى والضحايا الأبرياء، وليس بسبب نقص الأموال والإحتياطيات، بل بسبب البذخ في شراء السلاح وشراء مقاعد السلطة بثمن باهض، تدمير الدولة وقتل الشعوب وتصنيفنا في ذيل الأمم..فمتى نستيقظ يا أنتم؟
Royal430@hotmail.com
الرأي