يوميات اردنية: الغٌربة في الوطن
د.سيما كلالدة
01-07-2017 01:25 AM
تزوجت لمياء
فبعد أن كبٌرت وأصبحت تستمتع بأحاديث والديها وتفهمهم أكثر، وبعد أن كبر اخوتها فأصبحت تعي خفت دمهم بعد أن كانت تشكي ثقلها قبل سنوات، حان وقت الرحيل.
سعيدة حزينة
كانت تحتضن مستقبلها وجديدها بشغف كبير.
فكيف لا فها هي مع زوجها ،ذاهبة إلى بلد جميل، وحياة جديدة ،وعمل .
مرة السنين ،سنين عمل ،وإنجاز، وأولاد ،وتجارب، وصداقات.
جلس بجانبها وقال: ما رائيك أن نرجع ؟
قالت: ماذا ؟ نحن رِزْقنا هنا ،فلقد استقرينا وكبر اولادنا وأصبحت هذه بلادهم، لا يعرفون غيرها ،لنا بيت جميل ،وحريتنا.
لكنها مرت في عمق نفسها بنفس التساؤل.
ففي الفترة الأخيرة أصبحت تلاحظ أنهم لأولادهم العم والخال والجدة و..............
وكبرت البنات.
فقال: كبر اولادنا والحرية المتاحة لهم تخيفني.
فإن كبروا لن يقبلوا ما نملي عليهم.
ولن يطيقوا معرفة بلادهم ولا لغتهم.
نخسرهم للابد.
وكانا عند سماع أغاني الغربة تدمع أعينهم حنينا واشتياقا.
تركت لمياء البلاد عندما كان الجار يسأل عن جاره .
وكيلو التفاح بقروش.
والأراضي مزروعة بامية وفقوس.
فرجعت وهي مزدحمة.
تملؤها عمارات قبيحة.
والجميع يلهث وراء لقمة العيش من غلائها.
ولافي جار ولا ما يحزنون.
وواجبات اجتماعية مرهقة.
صداقات واجتماعيات كثيرة وعلى الفاضي
ترك الاثنان بلاد التعليم مجاني.
والتامين الصحي الشامل و المجاني.
والمعاملات الحكومية شيء لا يعرفانه.
والحياة سارية بلا تعقيدات
والسلاسة
والنظافة
وجمال الطبيعة
وبخلال ايام ...
اصبح يدرك الاثنان كم الحياة في الاردن باهظة ..
وانه سرعان ما ستختفي الاموال التي ادخراها ، وعلى الزوج ان يبحث عن عمل.
خصوصا ان المدارس الجيدة مكلفة، والتأمين الصحي مكلف، والبيوت غالية الثمن، والطعام بأسعار شبه اوروبية ،وووو.
والخطوط لولبية ليست مستقيمة.
فهنالك طرق غريبة عجيبة وتعقيدات لإنجاز ابسط الامور.
و غريب انه في خلال ايام لم يخلو موقف الا وتم تذكيرهم تماما ما ديانتهم، و ما اصلهم.
امور قد ترفعوا عنها و لم يسأل عنها احد طوال سنين الغربة ...
ولم يبقى لا قريب ولا بعيد الا وجاء ليسلٍّم و يطلب المال، طمعا في الغريب الذي جاء محمل بالذهب.
تناسى البعض ان العربي في الغرب يتعب ويشقى اضعاف مضاعفة ليثبت نفسه .
وأصبح الاثنان يتوقان ليكونا مرة أخرى العم والخال والجدة.
و هما في السيارة و الطقس حار والازمة خانقة.................ز
تفتح لمياء المسجل.
فإذا بصوت فيروز برونقه وهدوءه "ما تعرفني بلادي ..،خِدني على بلادي"
وتدمع العين لا اشتياقا ولا حنينا .
بل حسرة لان الحنين ، حنين لبلد اخر.
و تغلق لمياء المسجل.
و تبلع ريقها.
فقد تولد في داخلها شعور غريب و مرير ...
لم تشعر به ولم تكن تعرفه من قبل.
فعلى عمر الاربعين .
عرفت لمياء معنى .............
الغٌربة الحقيقية.
غربة في الوطن .