سؤال كبير ظل يحيرني سنوات طويلة، ولم أجد له جوابا حتى الآن، هل الشرف يُجزأ؟ أعني، هل هناك شرف أصغر وشرف أكبر؟ وهل هناك شرف خاص يستحق أن تفور الدماء في عروقها، وشرف عام ليس له ثمن أو بواكٍ؟ وما الفرق بين الشرف العام والشرف الخاص؟
قصص الانتقام ثأرا للشرف الخاص أكبر وأكثر من أن تحصى في بلادنا العربية والإسلامية، وما يخرج للإعلام غير نزر يسير من أسرار البيوت،
في الأردن تقع سنويا في الأردن ما بين 16 إلى 18 حالة قتل تحت مسمى «جرائم شرف».. وغالبا ما يكتشف الطب الشرعي بعد عملية التشريع أن الضحية لم تزل عذراء، يقول الخبراء إن العديد من جرائم الشرف التي تعاملوا معها يكون القاتل من أهل الضحية ولديه العديد من الأسبقيات بحدود 70 أسبقية منها اغتصاب، سرقة، سطو مسلح، والشروع بالقتل، وكل هذا ليس له علاقة بانتهاكه لا لشرف العائلة ولا المجتمع ولا الأمة!
شرف العائلة يدفع الدم في عروق البعض، فتغلي الحمية في جسده ويندفع لـ «غسل العار» فلم لا يثير شرف الأمة مثل هذه الحمية، وهي تنتهك في «أعز ما تملك»: شرفها وكرامتها ومقدساتها وحرياتها، من قبل أعدائها الغرباء والأبناء؟ هل ثمة فرق بين شرف يختصر في غشاء رقيق يكاد لا يرى، وشرف ينتهك علانية وببث مباشر من الماء إلى الماء، شرف يُنتهك بقوة القانون والسلطة وباسم الديمقراطية حينا ؟؟
في احد جرائم الشرف الخاص، قتلت فتاة متعلمة، على أيدي ابناء عمها، بتهمة ان لها علاقات مشبوهة مع عدد من الرجال، تبين انها لا زالت عذراء بعد كشف الطبيب المختص. وبحسب التحقيقات، فقد اتضح ان احد القتلة كان تقدم لخطبتها فرفضته الضحية لانه غير متعلم ، ما دفعه وإخوانه الى خطف بنت العم وقتلها خنقاً، بحجة الدفاع عن شرف العائلة (!) وفي بعض الملفات التى حققت في جرائم الشرف تبين ان اما قتلت ابنتها البالغة 17 عاماً خنقاً، دون ان يكون لهذه الفتاة ذنب فيما الم بها. فالتحريات أثبتت ان عمها اغتصبها حين كانت طفلة، واستمر في ممارسة فاحشته حتى كبرت، وقد كشفت فضيحة تلك المسكينة الآلام التي لحقت بها من حمل السفاح، فما كان من والدتها الا ان قامت بخنقها للتخلص من «عارها» في حين بقي المجرم الحقيقي حراً طليقاً!!
في «جرائم الشرف الخاص» وفي كل تشريعات العرب، ثمة عذر مخفف يشجع المجرمين على ارتكاب جرائمهم تجاه المحارم، وفي جرائم الشرف العام التي تُرتكب ضد الأمة كلها، أعذار مخففة كثيرة..
الدستور