سألت نفسي اكثر من مرة : إلى أي مدى يمكن للتناقض أو التباين أن يصل في تعليقات وتعقيبات قراء عمون الكرام ؟ وقد تبين لي أن هذا المدى أبعد ما كنت أتوقع . وكان لي اكثر من تجربة شخصية بهذا الصدد ، إضافة لما أقرأه من مقالات وما يعقبها من تعقيبات الأخوة الكرام .
كتبت مؤخرا بضع سطور بعنوان " الشماغ الأحمر ليس رمزا وطنيا أردنيا " وتكلمت عن الشماغ الأحمر والأسود في ذات الكلمات بنفس الهدف ، دون المس لا من قريب أو من بعيد بالوطن أو المواطن ، وتراوحت التعليقات بين قدح وجرح ومدح ، ورغم بضع ردود أيدت ما كتبته بدرجات متفاوتة إلا أن البعض وللأسف تكلم عني وكأني خارج على الملة ، وقادم من الفضاء الخارجي ولست بمواطن أردني قضى زهرة شبابه في القوات المسلحة ، أهلته للعمل سنوات طوال في القوات المسلحة لدولة عربية شقيقة ، وأجزم أن البعض إكتفى بقراءة العنوان وإعتبره تنكرا للوطن ، وحملني ما لم أقوله تصريحا أو تلميحا ، بل وأثار نقاطا إعتبرها مآخذ على كلماتي رغم أني شرحتها بوضوح مسبقا . وختمت كلماتي بالدعوة لتعليم الأبناء ماهية رموزنا الوطنبة أشكالا ومعان ، والتعرف على تقاليدها ، وترك المناكفات.
تاريخنا عريق جدا ، ورموزنا الوطنية بما فيه الكفاية ، فهي معروفة وبالحفظ والصون ، وتاريخنا موغل في القدم ، وليس تاريخا قصيرا كتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية التي تبحث عن كوخ مكتشف أمريكي ، أو راية حملها جندي يوما لتقيم حولها متحفا تاريخيا لتبني تاريخها القصير زمنيا . وعليه لسنا بحاجة للمناداة برموز وهي في حقيقتها ليست برموز .
كم أتمنى أن تكون التعليقات بموضوعية الحوار وليست بإنشائية العبارات ، وأن يكون النقد نقطة مقابل نقطة ، ونقض الرأي بالبرهان ، أليس الهدف هو الحوار ؟ ولا حوار دون موضوعية ، ويفترض أن تكون عمون ميدانا لكل محاور وليست لتوزيع صكوك الوطنية ، ووصم من لا نشاركه الرأي بالخيانة أو بالجهل على أقل تقدير .
يمكن لأي كان أن يمدح وأن يقدح ، لكن القدرة نكمن بحوار علمي هادئ متزن ، والوطنية علم وعمل ، والشعارات للتطبيق وليست للتصفيق .
haniazizi@yahoo.com