يستعصي علينا في أوقات كثيرة فهم كيف تفكر الحكومة ، فأحيانا نظن أننا لم نتعلم و لم نقرأ و لا نجيد فن الاستنباط ولا التحليل المجرد الخالي من الشبهات ، و أحيانا نظن أن الحكومة فهما الهي و عقلها سماوي و أين لنا نحن العامة أن نتمكن من الوصول إلى رؤية المشهد كما تراه الحكومة ، الحكومة كل يوم هي في شأن إلا شأن الوطن و المواطنين ، و الوزراء نسخة كربونة مكررة ، مملة ، تكاد تصيبنا بالغثيان و تشعرنا بالتقيؤ ، لا يمكن أن يكون عندهم علاج وقائي لشيء و لا رؤية مسبقة لما قد يحدث ، الوزراء متخندقون في مكاتبهم المكيفة و سجاجيدهم الفارهة المفروشة على الأرض الرخامية ، و سياراتهم مع السواقين الذين ينتظرون الإشارة و إذا خرجوا من مكاتبهم تكون وجهتهم المطار و السفرات و المياومات و فنادق الخمس نجوم و المشتريات والابتسامات ثم العودة محملين ما يستطيعون إدخاله بدون جمارك و لا تفتيش كما يفعل عباد الله الأردنيون.
يتراكض وزير الأوقاف لسحب رخصة شركة العمرة التي انقلب الباص التابع لها والذي يقال انه غير مخصص للنقل الخارجي و يهرع وزير المواصلات ليزور المصابين و يتمنى لهم السلامة و ربما يصدر تصريحا بمعاقبة الشارع الذي انقلبت عليه الشاحنة ، وزرائنا مساكين و الله بنشفق عليهم ، وزرائنا لا يسمعون لتوجيهات الملك و لا لنبض الشارع و لا الرئيس نفسه يفعل ذلك ، الوزراء مدمنون على الوزارة و المناسف و الفشخرة و الرئيس مدمن على الرئاسة و يحب أن يبقى في الظل ، و يكاد يكون رئيس حكومة الظل لا حكومة الحكم ، و هو ليس مختلفا عمن سبقه إلا بالشكل ، أما المضمون فهو نفسه.
أظن أن الرؤساء و الوزراء قد أحبطوا الملك أما نحن أبناء الشعب فقد أحبطنا منذ زمن طويل ، و لم يعد لنا أمل إلا بالله العلي العظيم ، فالناس تنتظر الآتي و لا يأتي ، و الناس لا تجدب من يخاطبها و لا من يشرح لها آفاق المستقبل ولا من يفسر لها الفشل الذريع في مجال الاستثمار الذي انفلقنا و نحن نقول انه من الممكن أن نستقطب مستثمرين و خلال فترة وجيزة و لكن ليس هناك من يعمل في القطاع العام على ذلك إلا الملك ، و من بعده يأتي المخربون، الإرهابيون الأردنيون الذين يخربون كل النتائج التي عمل من اجلها الملك وبالتالي كأنك يا أبو زيد ما غزيت ، نعم لدينا إرهابيون في القطاع العام " يهججون و يفرعنون و يرهبون " كل مستثمر يأتي إلى البلد و يخرج مسرعا لاهثا خائفا ينادي بأعلى صوته " أنج سعد فقد هلك سعيد " و الأمثلة على ذلك كثيرة و أنا شاهد على بعضها.
الحكومة لا تعمل ، الحكومة كباقي الحكومات التي سبقتها تتسلى بنا ، انتخابات بلدية و انتخابات مركزية ، و تعديل وزاري لا طعم و لا لون و لا رائحة له لولا حادث الباص الذي جعل للتعديل طعم الموت و رائحة الخوف و لونا رماديا ، منذ ستة أشهر و الحكومة تعمل على انهيار طريق اربد عمان و لم تنتهي بعد ، يا جماعة عيب و الله العظيم عيب ، انهيار طوله اقل من كيلو متر واحد ، يجري العمل فيه كما يجري العمل في المشاريع في الدول المتخلفة ، أي هي الدنيا بس كاميرات و رادارات و مخالفات ، أمن أجل هذا شكلت الحكومة ، تحرك يا دولة الرئيس ، يا رجل اعمل لك نفيلة ، ادفع الوزراء للعمل ، دعونا نرى نتائج و لو بسيطة ، نسمع كلامكم يعجبنا " هذا إذا تكلمتم" نرى أفعالكم نستعجب ، مفتاح اللغز ، " الاستثمار " ليس هناك طريق آخر للخروج من أزماتنا و سداد مديونيتنا و إنهاء العجز في الموازنة و تحسين أوضاع الفقراء ، إلا الاستثمار ، و الكرم وحده هنا لا يفيد و المبررات و لي عنق الأرقام و الحقائق ليبدو و كأن هناك تقدم لا يفيد ، حينما يكون هناك تقدم يظهر فورا على أحوال السوق و على أحوال البلاد و العباد.
الاستثمار ، مؤسسة تشجيع الاستثمار عبء على الدولة و لا تقدم و لا تؤخر و الله يخليكو ما حدا يقعد ينظر علينا ترى عايفين حالنا و زهقانين التنظير السخيف ، من يريد أن يتكلم فليحدثنا عن أرقام الاستثمار الحقيقية و عن أعداد العاطلين عن العمل و عن مستويات الرواتب و عن حالات الانتحار و عن المشاريع الاستثمارية و ليس عن أحاديث هلامية و مبررات اقليمية و دولية و يدخلنا في متاهة أحاديث لا طائل تحتها الناس تنتظر أشياء ملموسة على ارض الواقع و قد كلت من الانتظار.
لقد بات الشق كبيرا جدا و يستعصي على الرقعة ، و ما تزالون كمن قبلكم من السابقين السابقين ، تنتظرون أن ينتهي دوركم ليأتي اللاحقون اللاحقون ، أولئك هم المقربون ، كما نظن و يظنون ، فيفعلون كما تفعلون و نكتب كما نكتب و يبقى الشق و يبقى الراثي يحاول الترقيع و لكنه لم يعد قادرا مثلنا على ترقيع شقوقكم و إهمالكم و عدم اكتراثكم ، و كان الله في عون الملك عليكم.
و الله المستعان على ما تصفون ..!!