لنستعد للتطرف الذي يحمله عام 2009 للمنطقة
رجا طلب
22-12-2008 06:29 PM
المحطات الإقليمية المتوقعة للأحداث خلال العام القادم تحمل في الأغلب نتائج مهمة لكنها قد تكون صعبة على المنطقة والإقليم، فمن انتهاء مدة ولاية الرئيس عباس في التاسع من يناير القادم والتي ينتظر ان تتبعها سلسلة من الإجراءات على الساحة الفلسطينية إلى الانتخابات الإسرائيلية وبعدها الانتخابات اللبنانية وربما الفلسطينية أيضا، فسوف تكون هذه المحطات كلها متداخلة ومتشابكة بصورة أو بأخرى ويحيطها عنوان أساسي واحد وهو السلام مع إسرائيل أو استمرار الحروب الباردة معها عبر الوكلاء المحليين للاعبين الإقليميين.
لا شك أن التطورات على الساحة الفلسطينية وعلى الساحة الإسرائيلية سيشكلان المضمون الأكثر أهمية في رسم بقية التطورات في المنطقة إلا أن ذلك لن يلغي تأثير العوامل الأخرى على الوضع اللبناني وكذلك الفلسطيني، وما سيشكله هذا التداخل من عوامل للتوافق أو التنافر بين الأطراف المختلفة في كل معادلة من المعادلتين الاثنتين.
الوضع الفلسطيني : لا يبدو في الأفق أن هناك إمكانية للتوافق أو التفاهم لكي لا نقول المصالحة، وهذا يعني أن غياب المصالحة قد يؤدي إلى خطوات سياسية أخرى تزيد من حالة التباعد السياسي والجغرافي على الساحة الفلسطينية وقد يشهد التاسع من يناير القادم احدى تلك الخطوات، وهذا يعني أن الموقف العربي الرسمي سيدخل في مرحلة جديدة من الاصطفافات المؤيدة لهذا الطرف او ذاك من حيث دعم أو عدم دعم هذه الخطوة، هذا من جهة ومن جهة ثانية سيريح التجاذب الفلسطيني الداخلي إسرائيل وسيعطيها المبرر لإتباع مزيد من التكتيكات التسويفية فيما يخص المفاوضات في حال بقاء ليفني رئيسة للوزراء، وسيعطى نتنياهو الفرصة إن وصل لرئاسة الوزراء، للقول أن السلام المتاح مع الفلسطينيين هو السلام الاقتصادي الذي يطرحه من ألان كصيغة وحيدة للتعاطي مع الحالة الفلسطينية، وفي كل الأحوال ستصبح القضية الفلسطينية مهددة لأول مرة منذ انطلاق الثورة الفلسطينية عام 1965، من حيث شرعية التمثيل في ظل ازدواجية الشرعية، ومن حيث هوية ونوعية المشروع الوطني المطلوب.
الوضع اللبناني : الأجواء العامة في لبنان تدل بوضوح على أن المعارضة اللبنانية تتعامل مع اتفاق الدوحة تعاملا تكتيكيا كان هدفه الأساسي استيعاب نتائج التفاهم الإقليمي المؤقت الذي تم بين الرياض والدوحة وطهران ودمشق بشان برنامج محدد وواضح هو وقف الفراغ الرئاسي وانتخاب العماد سليمان والتحضير للانتخابات القادمة عبر قانون انتخاب جديد أما طاولة الحوار والإستراتيجية الدفاعية وغيرها من القضايا فجاءت كحواشي تزين اتفاق النقطتين ليس أكثر من ذلك، وهذا يعني بوضوح أن المعركة القادمة هي المعركة الانتخابية وحجم التحشيد الإقليمي السياسي والإعلامي والمالي في هذه المعركة يشاهد ويلمس بوضوح يوميا في الشارع اللبناني، والخطورة أن التفاهم الإقليمي بشان لبنان دخل مرحلة التفكك عمليا وقد لا يكون موجودا أبدا في أيار القادم في حال بقيت الأطراف الرئيسية المؤثرة في المعادلة اللبنانية الداخلية على هذه الدرجة من التضاد والتنافر في التوجهات والأهداف السياسية الإقليمية لكل طرف منها، وبخاصة في ظل القراءة الخاطئة لبعض هذه الأطراف التي أخذت تبني سياساتها على أساس أنها الكاسب الأكبر من غياب إدارة بوش ووصول الرئيس اوباما إلى البيت الأبيض، وهو ما قد يدفع هذه الأطراف تحديدا إلى اتخاذ مواقف متطرفة لاعتقادها أن الأجواء الدولية الجديدة تسمح لها بجني ثمار التغيير في الإدارة الأميركية وأولوياتها التي ستتركز على الوضع الداخلي الأميركي لفترة طويلة من الوقت قبل الالتفات إلى الشرق الأوسط وملفاته الساخنة.
... إن مجيء حكومة يمينية متطرفة برئاسة نتنياهو الذي لا يحمل برنامجا للسلام لا مع الفلسطينيين ولا مع السوريين، وتنامي النفوذ السياسي والعسكري لإيران في العراق والمنطقة عبر حلفائها المحليين في لبنان وفلسطين وشعورها بالانتصار على إدارة بوش وعدم قدرة الإدارة الجديدة على تجاوز الحوار معها فيما يخص الملف النووي سيزيد من حالة التوتر السياسي والعسكري في المنطقة، وهي حالة ستزيد بالضرورة من دور القوى والمنظمات الاسلاموية الجهادية التي ترى في أجواء الاحتقان هذه فرصتها لزيادة خلط الأوراق واختراق الأمن والاستقرار بالمنطقة لتنفيذ أجندات تفجيرية عدمية ستشكل خطرا على الأنظمة العربية المعتدلة بصورة أساسية، وهو واقع يتطلب من دول الاعتدال العربية إعادة تجميع جهودها السياسية والأمنية لبناء منظومة قوية تستطيع مجابهة التطرف القادم الذي يحتمل ان يحمله لنا عام 2009.
rajatalab@gmail.com
الراي.