أوطان لا زال يسوقها الجمل
عيسى أبو جودة
27-06-2017 12:09 PM
حلمت البارحة بأن أحدهم يسرق لي حلمي وصحوت على عبارة كتبت فوق جدار يريد أن ينقض، " حق الفلسطينيين في تقرير المصير ." قلت : " ليس ما قبل حدود سروالي القصير ." وعجبت من نبر الإيقاع في اللامدرك المشاع وتساءلت أنا الذي غفوت وعن دون قصد مني محاولا تبرير غياب آلة الكمان في ظل المستنفذ من عروش الكلام، الكلام المنحاز للمرسل من أدوات الغمام، هل بالإمكان الاستغناء عن آلة الكمان في ظل حاجتنا إلى مقدمة موسيقية إلهية وبلا إيقاع!
حلمت البارحة بأن أحدهم يسرق لي ذراعي وصحوت على عبارة كتبت فوق جدار مدرسي، " زائدا عن حاجة الغد، ماذا تريد من الراية الثكلى !" قلت : " أغنيتي، حمل الإيقاع على الخرب المشاع، من هنا تأتي لغتي ." وعجبت من نبر الإيقاع في المرسل اللامستساغ وتساءلت، يا لهذا الفارق الهش ما بين قاتل وقتيل، ففي الوقت الذي اتخذ فيه القاتل موقفا جريئا كان الشاعر الوطني المعروف يخرج من باب الطوارئ، والبقية الباقية يتدافعون على الباب الخلفي للقاعة .
أبغض في الأستاذ الجامعي باعتباره أحد أدوات بناء المجتمعات صفته الوظيفية وأحب في بائع الحديد صفته الأفقية وأود جدا التخلص من صفة الإنسان القبلية، رجل لا زال يرى في الركن الشرقي للمعبد المحاصر حصة قابلة للاحتفاظ بالسماء .
في الحلم عادة ما يرفل بائع الجبن الجوال بجلابيب بيضاء وجيوب فضفاضة رقطاء، كذلك هم رجالات الرب يختارون جمهورهم بعناية ديك وتخونهم المقدرة على انتقاء مفردات الغواية.
الغواية استخلاص الصفات شأن المعطيات من فخذ غانية، استدراج الجيد العنيد، اقتفاء أثر الكلام المغنى من كاحل زانية . الغواية استرجاع صفة الهوية الشخصية من بطاقات البريد، تتبع أثر اللحظة المجافية لما بات يوصف بالمتعدد الفريد . الغواية نداء اللحظة المثلى، صفة الكلام الأجدى كلما انتحى له البعيد سقفا قصيا . أبغض فيما أبغض رجل يخفي عطبه اللغوي في جيب بزته العسكرية كلما هممت بالنشيد، أبغض فيما أبغض روائي محلي لا زال يرى في النص المعد سلفا مكانا جيدا للاختباء كلما هممت بالغناء . ان الرب لا ينظر إلى مكنسة الغبار الكهربائية في خيمة سيد القوم الرعوي بقدر ما ينظر إلى عازف الإيقاع المشغول في ذروة لحن استنكاري غني بمفردات الخطاب البنيوي .
حلمت البارحة بأن أحدهم يسرق لي دراجتي الهوائية وصحوت على عبارة كتبت فوق جدار يريد أن ينقض ، " لله، أوطان لا زال يسوقها الجمل ." قلت : " في منأى عن قشارة البصل ." وعجبت من نبر الإيقاع وتساءلت كم سيلزمني من الوقت لكتابة أغنية، فإن كتابة أغنية واحدة يشبه فيما يشبه سقوط نافذة في شارع لا يؤدي، وفيما أنا كذلك حتى قال الغريب : " في وقت الذروة يتعين عليك التنفس من أنفك فأحدنا الكثير في مثل هذه الأوقات يتنفس من فخذه ."