كل عام وأنتم بخير ..
بكل بشرى سوء لأعداء الله وسنة أنبيائه ، يستنكر جميع المؤمنين بالله وبالسلام وبالمحبة، كل هذه الجرائم البشعة التي حدثت خلال شهر رمضان الفضيل، وعلى رأسها المخطط الإرهابي الذي كان يستهدف الحرم المكي الشريف والملايين داخله، فهل هناك شك بأن أولئك هم الشياطين رقم 2، وهم كذلك في كل مكان في لندن وباريس وسوريا والركبان وهذه العقلية يجب أن تجتث من المجتمعات العربية إذا أردنا أعيادا سعيدة.
للأسف أننا لم نعد نصف عيد الفطر بالسعيد، فما هناك من حال يُسعد المرء في أحوال العرب، الذين تحولوا الى ساحات وملاعب لتجارب الجميع، إبتداء من الفاسدين المحليين وانتهاء بالحروب الكبرى والصراع التي تُدار عبر الأقمار الصناعية والطيران الحربي العالمي، وما بينهما صراع بشري ليس له وصف سوى الوحشية البربرية التي يغلفونها بما يسمى الطائفة الدينية والدين براء من كل ما يجري اليوم، للعرب من لعنة حلت على بلادهم وهم ينظرون ويضحكون ويلهون بالخلافات دون حساب للمستقبل.
ونحن نودع رمضان اليوم بحزن واشتياق لشهر الله المبارك، يجب علينا أن نعيد تقييم المرحلة السابقة التي عاشتها شعوبنا العربية والأردن جزء منها، فالجرائم المحدودة والجرائم الكبرى والقصف والإقتتال الدموي، شوه صورة شهر رمضان الفضيل، وكل ذلك لأن البشر يظنون أنهم أقوى من كل مخلوقات الله، ولكن هل تذكرون قوة الله وقدرته، فلماذا لا تزال بعض الدول ومسؤوليها يديرون الصراعات الدموية على حساب المواطنين والناس الأبرياء الضعفاء الذين لا يمتلكون حتى قرار حماية أنفسهم، فنجد سوريا التي باتت فضيحة عالمية وقد تكالبت فيها كل شياطين العالم، وأنهار الدم لم تجف فيها بعد.
في رمضان لم يردع الشهر وحرمته الحشود المجنونة من عزل وقتل وتشريد لآلاف المدنيين العزل في الموصل وبادية العراق الغربية، وحصار أحياء المدينة وتدمير بيوتها وفرض سياسة التجويع والتركيع للأبرياء، بحجة طرد الدواعش، فيما الجميع يعلم بخروج غالبية قوات التنظيم منذ أكثر من شهر، ومع هذا فلا شيء يحدد مصير الإنسانية في حياة شعوبنا العربية سوى مدى الشعور بالرقابة أو وقوع المحاسبة، وهذا بداية عصر مظلم جديد.
إنه عصر الإنحطاط الجديد في عالمنا العربي الذي ُترك فيه الفقراء والضعفاء والبشر البسطاء يواجهون مصائرهم في تلك الغابة الموحشة من التنمية المتخلفة والفقر وسوء التعليم وسوء الخدمات الصحية، وغياب العدل والعدالة في غالبية مناحي الحياة، ثم لا يسأل عنهم أحد إلا بعدما تقع عملية إرهابية كبرى لأحد أفرادهم أو أبنائهم، لنجري لهم مسحا أمنيا شاملا، فيما الأنظمة والقيادات منشغلة بخلافاتها المضحكة والمبكية، ولا يبدو أن هناك ضوءا قريبا يستدل به على وجهة صحيحة.
في هذا اليوم المبارك، علينا أن نحاسب أنفسنا جميعا، فيما مضى من الأيام والعمر المديد، وماذا حققنا لهذه الأمة وهذا الشعب وهذه الأسرة وهؤلاء الأطفال والمجتمع ولأنفسنا، هل كنا جزءا من الحل أم جزءا من المشكلة، هل نحن سبب أم نحن نتيجة لما يحدث اليوم في بلادنا، وهل كان رمضان برهبته وتأثيره العميق في قلوب المؤمنين محفزا كي يستيقظ الناس من غفلتهم وسكرتهم وملذاتهم، لتنعتق أرواحهم لأسمى من الأكل والشرب واللهو فحسب، بل أن أي محاولة لإسعاد الناس وصنع التغيير في واقع حياتهم ، تلك هي المعركة الكبرى التي يجب أن ننتصر جميعا فيها.
كل عام والجميع بخير، كل عام ووطننا الأردن والدولة برمتها أفضل وأقوى وأجمل بعون الله ورعايته، ويبقى واحة آمنة مطمئنة يلوذ بها الأخيار والضعفاء من ضحايا تخلفنا السياسي والاقتصادي، ونسأل الله تعالى أن يعيد هذه المناسبة وقد إغتسلت هذه الأرض العربية من الدماء البريئة وحل السلام والوئام في أرضنا وبلادنا جميعا.
وإلا ستبقى هذه الأرض تعج بالشياطين، وعلى رأسهم الشيطان رقم 2 وهو الإنسان الجاهل المليء بالحقد الذي يصبح فجأة كالبهيمة لا يدري ولا يقدر بل ينفذ مآرب الخبثاء وأعداء الله وأعداء الإنسانية فيقتلون الآخر لأتفه سبب أو ينفذون مخططات الإرهابيين القتلة الخوارج من تنظيمات منحرفة وحشود طائفية عمياء .
الرأي