التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال المقابلة التي أجرتها ثمان صحف أوروبية معه في موضوع الأزمة السورية كانت مؤشر على تغير جذري للدور الذي تريد أن تلعبه فرنسا في هذه الأزمة.
الرئيس الفرنسي قال "أنا لم أقل أن إقالة بشار الأسد هي شرط مسبق لكل شيء لأنه لم يقدم لي أي أحد خلفا شرعيا له" وأكمل بأن أولويته الأولى هي مكافحة المجموعات الإرهابية.
هذه التصريحات تتجاوز الموقف السابق لفرنسا إبان فترة حكم فرانسوا أولاند والتي لم تكن تشترط رحيل الأسد لحل الأزمة السورية إلا أن هذه التصريحات تعتبر تحولاً جذرياً في السياسة الفرنسية نحو الأزمة السورية.
هذا الموقف لماكرون ليس بالصادم كونه صدر عن رئيس قلب موازين القوى في فرنسا وغير المشهد السياسي بالأكمل .
منذ الحملة الانتخابية لماكرون كان واضحاً أنه لم يكن راضٍ عن الدور الذي تلعبه فرنسا والاتحاد الأوروبي بشكل عام في السياسة الخارجية. وهو بهذا أقرب إلى النهج الديغولي/ الميتراني والذي أعطى لفرنسا ثقل ودور مهم من خلال مواقفها المستقلة في الساحة الدولية.
من المؤكد أن الرئيس الشاب قد قرأ المعطيات الجديدة على الأرض السورية وأهمية الدور الروسي في هذه الأزمة في ظل غياب استراتيجية أميركية بالرغم من مضي فترة على انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة. ولربما كان لقاءه مع الرئيس الروسي والملك عبد الله الثاني قد أثر على موقفه اتجاه هذه الأزمة.
المعطيات الاخرى التي لربما كان لها دور في اتخاذ هذا الموقف هي مشكلة اللاجئين السوريين والعمليات الإرهابية التي عانت منها فرنسا في السنوات الماضية، فقد قال ماكرون "نقاطي الأساسية واضحة: أولا حرب كاملة ضد الجماعات الإرهابية، فهي عدونا". وأضاف أن "الهجمات التي شهدتها فرنسا وراح ضحيتها 230 قتيلا جاءت من تلك المنطقة، فنحن نحتاج تعاون الجميع، وبخاصة روسيا، للقضاء على تلك الجماعات".
وقد أعرب ماكرون عن أسفه بأن "فرنسا ليست طرفا" في مفاوضات السلام السورية التي ترعاها حاليا روسيا وإيران وتركيا في اجتماعات أستانا. كل هذه التصريحات تدل على تقارب الموقف الفرنسي مع الموقف الروسي اتجاه الأزمة السورية.
ولكن السؤال المهم في هذه التطورات هو: هل يستطيع ماكرون أن يغير الموقف الأوروبي اتجاه الأزمة السورية، وهل سيُترجم هذا الموقف إلى خطوات عملية دبلوماسية في المرحلة المقبلة ؟