السنيد يكتب: لو يعلمون الثمن الذي دفعه احمد الدقامسة
علي السنيد
23-06-2017 04:59 PM
لم يتردد رفيق السجن الجندي البطل احمد الدقامسة بإخباري متألماً ان ايام السجن كانت بالنسبة له أفضل من هذه الايام، وقد تواصلت متوالية قهره من بعد سنوات عمره الذي امضاها بين الجدران، والسلاسل، والقيود. وتلك الامراض الخطرة التي يحملها فوق ايام عمره الباقية، وحيث لا تفارقه حقيبة الادوية التي يواظب عليها يوميا. وليجد نفسه محاصرا بعد الافراج المزعوم عنه بكل خطوة يخطوها تحت مبررات الحالة الامنية، وليصبح على كل كلمة رقيب، ووصل الحال الى ان تكون الحرية المتاحة في السجن على ندرتها تبدو له اكبر منها خارجه، وحتى ظروفه الاجتماعية فكانت المتأثر الاكبر بإخراجه من دائرة الحياة الاعتيادية لما يزيد على عشرين عاما، ولتدور الحياة دورتها وهو في الغياب ففقد حتى دفء مجاله الاسري، ولكم شعرت بالأسف ان هذا العنوان الوطني الكبير، ومنجم التضحيات الجسام سرعان ما ان تبدد سروره بالحرية، وخيبت الايام ظنونه، وفاجأته بجفائها حتى بعد محنة السجن التي ينفرد فيها بحجم الآمها وعذاباتها الطوال.
واحمد خرج من السجن رمزا وطنيا ، ويحمل مكانة خاصة في الوجدان الشعبي، ويسمو في الصورة الاعلامية ، وفي المخيلة الشعبية العامة، وكان يجب ان يتم احتضانه وتعويضه عن ركام المعاناة التي استقرت في روحه طوال مدة اعتقاله، ولكن على ارض الواقع لم ير اولئك المحتفون بخروجه من المعتقل صعوبة ظروفه، وضرورة اسناده ، وتأمين حياة كريمة له بعد طول سنوات اعتقاله، وهو الجندي المسرح من الخدمة العسكرية بعد عملية الباقورة الشهيرة.
حاولنا ان ننبه اخواننا ممن يملكون القدرة على تقديم العون الى ضرورة تأمين عمل لهذا البطل المفرج عنه بعد عشرين عاما، وهو لا يلوي على شيء، ولا يملك من حطام الدنيا سوى حنينه لبندقيته التي ادمت اليهود، واوجعتهم، وذلك كي يندرج في الحياة الاعتيادية، وقلنا ان مرحلة تفرض نفسها اليوم في حياة احمد تتطلب ان يتولى شؤون اسرته، واعالة نفسه، وعياله، وناشدنا الجهات المهتمة بقضية هذا العنوان المقاوم للصهيونية، ومن يمثل الاعتراض التاريخي الاهم على ما سمي بمعاهدة السلام مع الصهاينة، ومرت الايام ووجد احمد نفسه محاطاً باللاجدوى ، والآمه تخصه وحده الا من قلة من المتفهمين لظرفه. ووصل الحال ببطل الباقورة ان يخبرني انه يفكر في العمل باي شيء حتى لو كانت وظيفة عامل وطن في بلدية اربد ، وكي لا يضطر الى ان يمد يده.
وللأسف لم يبادر احد الى اعلان انضمام احمد الى شركته او مؤسسته، وهو والله يستحق ان يكون عضو شرف في أي مكان ينتسب اليه، وبقي الرمز الذي يمثل مقاومة الصهينة والتطبيع وحيدا في محنته اللاحقة على سجنه.
احمد ربما يتهيأ اليوم لمغادرة البلاد الى بلد يقبل به ، والخيارات محدودة للغاية في ظل الظرف العربي الراهن، وتقوض اركان الدول المقاومة للمشروع الصهيوني، وهو في قلبه جرح غائر، وهو يعلن انه لا يخشى اليهود ، ولا يخاف من شدة خطرهم المحدق بحياته، فهم بالنسبة له نفايات بشرية ، وهو لا يبحث عن ساحة امنة ، وانما اكثر من ذلك فقد ضاقت به حلقات الحياة بين شعبه واهله.