منهجية الملك في تشكيل الحكومات القادمة؟
أ.د. محمد الفرجات
22-06-2017 05:17 AM
بالحقيقة فإن من يتوقع بأن الأحزاب ستفرز يوما البرلمان والذي بدوره سيشكل الحكومات عليه أن ينتظر طويلا، هذا إن كانت حكومات برامجية تلد من رحم الشعب بعيدا عن التوزير المقترن (أحيانا) بالثقل العشائري والنفوذ المالي وقوى الضغط المختلفة.
آفة الحكومات عبر العقود الأخيرة العجز عن تنفيذ الرؤى وحتى الكثير من المشاريع والتي يعول عليها في حل مشاكل الفقر والبطالة، وكان الاستثمار وتشجيع الاستثمار المواضيع الأصعب والتي لم تستطع الحكومات التعامل معها، لا بالترويج ولا بالتسويق، ولا بالقوانين المشجعة، ولا بالحوافز الجاذبة ولا بالبنى التحتية الداعمة ولا بالأحكام التنظيمية، ولا بغيرها.
الاستثمار عانى تغول الأفراد من داخل المؤسسات التي على عاتقها جذب ودعم الاستثمار.
من أجل الاستثمار فالمياه والطاقة والأيدي العاملة والكفاءات والخبرات والأراضي والقوانين والحوافز وأدوات النقل وشبكات المواصلات والبنى الفوقية والتحتية بالواقع موجودة، وهي من أفضل ما يقدم على مستوى دول العالم.
أين الخلل؟
يكمن الخلل في هيكلية الحكومات المتعاقبة ووجود خلل حقيقي في آلية اختيار الفريق الوزاري وبالمقابل مسميات الوزارات، فكل ما تؤديه الوزارات (إلا القليل منها) عمل روتيني يومي بلا تخطيط ولا خطط عمل.
القطاع الخاص الذي ترك له الميدان شبه عاجز في قيادة دفة الاستثمار، ويلقي بتهمه جهة الحكومة، والأخيرة همها اليومي تدبير الرواتب الشهرية من الإيرادات والمساعدات أمام عجز بالموازنة كالشبح يطارد كل رئيس حكومة.
أين الخلل مرة أخرى؟
الحكومات دستوريا بيد جلالة الملك، وما أن تتشكل حتى وتمر بماراثون الثقة النيابي والذي تفرد فيه العضلات إعلاميا، فتنال الثقة، وما أن تبدأ العمل حتى وتبدأ القوى الإعلامية والصالونات السياسية بالنخر فيها لتقليل عمرها الافتراضي.
الخلل يكمن بأن التخطيط الحكومي غائب بين عدم وجوده وإن وجد لا ينفذ، وإن نفذ لا يتابع، وإن توبع يذهب بأدراجه مع الحكومة المستقيلة ليصبح شؤما تتناساه الحكومة اللاحقة، الباص السريع مثلا، قطار عمان الزرقاء الخفيف مثال آخر، وخطة التحول الاقتصادي مثال كبير، بدأ بالخصخصة لإطفاء الديون وترشيق الحكومة وتخصيص جزء آخر من عوائد الخصخصة للتحول المنشود، فأصبح لعنة ومثلا شرودا يضرب بالفشل والفساد.
هموم الدولة كبيرة وتعيق خططها حتى وإن وجدت، وتجعلها غير صالحة مكانا وزمانا مع متغيرات غير محسوبة كالأزمة الاقتصادية العالمية، ومع ارتفاع أسعار النفط الجنوني قبل سنوات، ومع الربيع العربي، ومع ظهور الارهاب وحركة داعش وتحدياتها، ومع أزمة الخليج الأخيرة مع قطر.
من نلوم أمام بطالة تزداد وفقر يفتك بالناس؟ وما هو الحل؟
قدمنا نماذج متعددة، وأوصلناها للحكومات المتعاقبة، ولدوائر صناعة القرار في الديوان الملكي، وبقيت منذ سنوات بلا جواب حتى فيما إذا وصلت لمكاتبهم.
هل سيبحث جلالة الملك في غرفة صناعة القرار مع ذوي الرأي والمشورة منهجية جديدة وتبني نموذج آخر في تشكيل الحكومات القادمة؟ خاصة وأن الرغبة الملكية بالدولة المدنية طريق طويل، وأن المتغيرات السياسية المحيطة والمفاجئة والمتسارعة واردة، وأن الفقر والبطالة تسيطر على المشهد، وأن الشارع كثر حديثه وتململه.