حكومات أردنية منزوعة الدسم .. !!
موسى الصبيحي
21-12-2008 05:20 PM
كنت ولا أزال أعتقد أن الحكومة الأردنية – ولا أقصد الحكومة الحالية تحديداً- تحتاج إلى إعادة هيكلة، فالكثير من الحكومات مرّت بتجارب كثيرة وصعبة، وتعرضت لعمليات فكّ وتركيب متفاوته في نوعها وحجمها، ولم تكن هذه العمليات تحت ضغط تحديات وطموحات عامة بقدر ما جرت تحت ضغط اجتهادات وإرضاءات فردية، ولم تستطع أي حكومة، حتى هذه اللحظة التي نقف فيها على مشارف تعديل حكومي كبير، أن تصل إلى تركيبة موضوعية روحاً وهيكلاً قادرة على تلبية متطلبات العمل العام وإدارة أجهزته بكفاءة وفاعلية..
ما المشكلة، لا أحد يستطيع أن يجيب، ومنْ هو الرئيس الذي كان قادراً على الخروج بتركيبة حكومية قوية خلال ما يزيد على عقدين مضيا، ربما لا أحد، ولماذا يلجأ معظم الرؤساء إلى الجراحة التعديلية بعد مرور فترة من الوقت على تكليفهم بالمهمة، لا أحد يعرف أيضاً، وكيف ولماذا تتم عمليات الفك والتركيب في هيكلة أو إعادة هيكلة الحكومات الأردنية في عهد ما، ومن ثم العودة إلى الوضع السابق في عهد لاحق.. لا أحد يفهم ولا أحد يعرف، ولا أحد يدرك المبررات والقناعات.. وما ندركه فقط أننا كشعب دفعنا ولا نزال ندفع ثمناً باهظاً لهذه التجارب الفاشلة وغير المفهومة..!!
والتساؤل الأهم الذي ربما يحمل بعض الإجابة على ما سبق: هل الحكومات ما زالت حكومات فعلاً، وهل الرؤساء والوزراء ما زالوا رؤساء كما كانت الحكومات والرؤساء والوزراء قبل أكثر من عقدين على الأقل..!!
لماذا لم تعد للحكومات ثقلها ومكانتها وهيبتها ولماذا لم يعد للوزراء ثقلهم وهيبتهم ومكانتهم كما كان في الماضي، نسمع منْ يقول: عندما كانت الحكومة حكومة.. وعندما كان الوزراء وزراء.. في حالة تهكمية على أوضاع الحكومات الأردنية الحديثة ووزرائها الجدد..!!
التحدي أمام الرئيس نادر الذهبي أن يصل إلى توليفة حكومية تغيّر هذه المفاهيم في أذهان الناس، عامةً ونخباً، وتعيد للحكومات الأردنية صورتها الحقيقية ومكانتها وثقلها وهيبتها، فنحن لا نريد حكومات هزيلة روحاً وهيكلاً، فليس من مصلحة أحد أن يكون لدينا مثل هذه الحكومات، حتى وإنْ جاملتنا ودغدغة عواطفنا كشعب..!!
ما ندعو إليه هو إعادة هيكلة حقيقية للحكومة الحالية لأننا نريدها أن تنجح، ونريد لرئيسها أن ينجح في تدشين مرحلة جديدة من مراحل الإصلاح الشامل في البلاد، تدخلها حكومته بقوة وإصرار وأن تكون مثلاً وأنموذجاً في تحقيق إنجازات وطنية يلمسها كل مواطن، ولا أعتقد أن الرئيس الذهبي سيتمكن من ذلك ما لم يخرج على المألوف فيما عهدناه من تعديلات وزارية سابقة، بأن يعيد النظر ملياً في الكثير من الوزارات والهيئات فكّاً وتركيباً، ولكن على أسس موضوعية وتنظيمية واضحة هذه المرّة، وأن يسعى لاختيار شخصيات ليست محسوبة إلاّ على الوطن، لها حضورها وفكرها وألقها ومكانتها وتأثيرها، تؤمن بالعمل العام، وتكون قادرة على التعاطي مع حالة ذهنية مجتمعية نقدية لا مع حالة ذهنية جمعية.. وإذا أراد الرئيس أن يستمع، فإن في الجعبة الكثير من الأفكار والمقترحات التي يمكن أن نقدمها لدولته، بما في ذلك إطار هيكلي للحكومة يمكن أن يسهم في الخروج بحكومة رشيقة وفي نفس الوقت رصينة هيكلاً وشخوصاً، وأدعو الرئيس بأن يفتح حواراً وطنياً حول حكومة المستقبل.. لنحظى بحكومة أردنية كاملة الدسم..!
Subaihi_99@yahoo.com