عنوان كبير نستطيع جميعا ان نتفق عليه ونستطيع جميعا ان نلتف حوله، ونستطيع جميعا ان نقف معه لمواجهة كل هؤلاء الذين لا يدركون معنى تصغير الوطن وتقزيمه لمصالح ضيقة ومطامع مادية لا تتعدى بعد الذقن. فالفارق بين من هو مع الوطن ومن يتاجر به كالفارق بين البناء والفناء.
في الاردن نماذج كثيرة وحالات اكبر عشناها تنخر في جسم الوطن وتدق اسافين الخراب , والدمار , فمثل هؤلاء لا يهمهم الوطن ولا ابنائه ولا سياسته ولا نظامه , بل ما يحققوا من المصالح وتلبية النهم الذي عاشوا من اجله وتمسدوا للوصول اليه وبذلوا الرخيصة لتحقيق غايتهم كما قال ميكافيلي (الغاية تبرر الوسيلة )
انشغال الشارع الاردني بقضية نجل الشاعر حيدر محمود لم يأت من فراغ , ولم اطبل له الصالونات لمجرد ان موظفا لم يداوم بغض النظر من يكون , فالذين يتباكون على القانون والنظام يدركون ان الافا مؤلفة من الموظفين لا يعرفون مؤسساتهم الا عند الراتب وان الافا اخرى يداومون وكأنهم غير موجودين والاف ممن يداومون يعتقدون ان المؤسسات ليست اكثر من كونها مزارع ومراتع خاصة بهم يسرحون ويمرحون بلا هوادة وانه لا قانون ولا نظام يمكن ان يحكمهم , فهم اكبر من هذا الضعف وهذا الالتزام؟ . تعرف الحكومة كما هو الحال بأصحاب الصالونات معادلة الياس والحرمان والاحباط الذي يحس به موظف الدولة الاردنية. ويعرفون ان موظف الدولة الاردنية وصل لحافة النهاية، وهو يرى قصص حقوقه تضيع وتغتصب ويتلاعب بها قوم ممن يشرعون لأنفسهم ويطبقون القوانين حسب مصالحهم؟ نعم، ان اولئك يجاهرون بالتجاوز ليس فقط لإظهار البطولة بل لبيان ضعف التزام الحكومات بتطبيقها. فالأخطاء اساسا تعود على الحكومة كونها معنية بالتطبيق، ومعنية بتحقيق العدالة والمساواة ومعنية بان يكون الناس جميعا عندها كأسنان المشط، ولكن اين هذا المشط، واين العدالة واين المساواة ؟؟!
نحن جميعا نعرف هؤلاء الممثلين في الدولة الاردنية والمتكسبين , نعرفهم وندرك تفاصيلهم , ونشاهدهم يتلاعبون بمصائر الناس ويختزلون عطائهم ويفسروه كما يشاؤون , ويمارسون عليهم أضحوكة المسابقة والجوائز ؟؟ فكيف سيكون رضى الموظفين الذين عملوا بالدولة بأكثر من عمر معظم مستشاري الرئيس عندما يسمعون ويشاهدون مثل هذه القصص؟ كيف نقول لهم تحملوا. قضية نجل حيدر محمود لم تقتصر على ابن الشاعر الذي اثيرة علية قضية ابان تعيينه بالسلك الدبلوماسي بحكومة على ابو الراغب وعندما كان مروان المعشر وزيرا للخارجية، وانتقد مجلس النواب آنذاك تعيينه وعدم مروره بإجراءات التعيين. بحكم والده الذي كان وزيرا للثقافة آنذاك. بل ان الافا مثل نجل الشاعر يختارون المناصب ويتنقلون بين مؤسسة وأخرى وكأنهم هم من بعث الروح بهذا الوطن. ؟!!
القضية ليست بنجل الشاعر , بل بالحكومة والحكومات ورؤسائها الذين لا يعرفون من يعينون ولماذا يعينون . فالأساس ان يكون المستشار بالرئاسة أكثر موظفي الدولة عملا، بحكم البحث والدراسة والتمحيص، وأكثر قربا للرئيس باعتباره مستشاره لشأن ما في الدولة، لكن واقعنا الاردني مختلف، كما هو في بقية المعايير، فالرئيس لا يعرف اسماء مستشاريه، وان التعيينات لإرضاء الخواطر او تسديد الفواتير ؟؟ اليس هذا عيب وعار على الوظيفة الاردنية وعلى مهنة الوظيفة الحكومية ان نصل لهذا المستوى وهذه الازدواجيات وهذا التلاعب بالأنظمة والقوانين ؟! اليست دعوة صريحة لانفلات اخلاقيات الوظيفة وتيئيس العاملين المخلصين في الدولة الاردنية ؟! وهم يرون كيف تتطاير المناصب وكيف ( يوزر ويؤمن ويمدر ) .
قضية نجل الشاعر وهذا التداول والاهتمام ليس لغرابة الموضوع ولا لان الشاعر هدد . بل لهذا الانعكاس والمؤشر والتربص الذي يقوده البعض ضد الحكومة ,واستغلال الضعف والاخطاء وتعظيمها , وكأننا بمصارعة كل يحاول قذف الاخر خارج الحلبة , فاين الثقة واين الامان , واين الامل الذي نريد ان نرسمه على وجوه الاردنيين, وتمكينهم من الصبر والتحمل ومواجهة مصائب الحياه؟!
القضية ليست مجرد قصة درامية بين رئيس الحكومة وشاعر , انها قضية النظام العام بالأردن وهؤلاء الذين يستقوون على القانون , فمن يقول غير ذلك فلينظر الى الاف القصص المشابهة ان ينظر الى من ينصبوا حاليا ومن يعينوا دون لجان ودون امتحان ودون ودون ؟؟ انظروا لأفعال الصف الاول في الحكومة وكيف يتصرفوا؟ مع تقديرنا للبعض اليسير الذين يثبتوا انتماءهم لمهنتهم ولعدالة مسؤولياتهم؟؟. المشكلة ليست بما حصل مع نجل الشاعر بل بطوابير المعينين في وزارات الخارجية والداخلية وفي الرئاسة والمراكز الحساسة في الدولة الأردنية، ومدى صلاحيتهم فعلا لمسؤولياتهم وطرق تعيينهم. فتنمية وتطوير الوطن وتمكينه من مواجهة التحديات لا يمكن ان يتم على هذه الشاكلة وعلى هذا الاسلوب ؟؟!! فمثل هؤلاء لم ولن يساهموا في اصلاح ما اصاب الوطن من عطب , بل على العكس فهم يزيدون النار اشتعالا كونهم محط الخلاف واساس النقمة ؟.
تفاعل الناس مع هذه القضية تظهر مدى تألم الناس من هذه الواقعة ومدى ما يكنزوه من تألم لمثل هذه المواقف المتكررة في الاردن والتي لم ولن تتوقف كما هو واضح.
نظلم الوطن ونظلم انفسنا وسنجد ذاتنا في مأزق اكبر من مجرد ارضاء فلان او تلية طلب آخر , سنجد اننا خرقنا سفينة نوح وبدأ الماء يطفوا على السفينة , عندها لن نجد هؤلاء يغرفون الماء لينقذوا السفينة ولن نجد هم يساهمون ولو بمحاولة ,فقد تعودوا عصر الاقطاع والكنيسة في العصور الوسطى , و لن يجد الوطن الا هؤلاء الحراثين المخلصين الاوفياء الذين لن يتنازلوا ولن يخفقوا ولن يظلموا احد ولو كان طعامهم جذور الشجر ومآويهم كهوف الحجر . فاين مشروع الخلاص واين الصادقين، اين وصفي وفراس ومعاذ وموفق السلطي، اين صور النشامى الذين ضحو فدا لهذا الوطن، هل انتهوا ام أحبطوا ام اقمعوا؟