قبل سنتين أعلن طاهر الشخشير وزير البيئة، سحاب، منطقة منكوبة بيئيا. وكانت منكوبة بيئيا قبل أن يزورها طاهر الشخشير وهي اليوم تصبح منكوبة اكثر فأكثر، لأن أي اجراء لم يتخذ لإسعاف سحاب وإخراجها من حالتها البيئية الحرجة.
في سحاب صبر جميل على التهميش والعزل والاستثناء والاقصاء، وفي سحاب كظم نبيل للغيظ و»صَرٌّ» على الألم والجرح.
في سحاب، معطلون عن الفعل والعطاء والخدمة، عشرات الجنرالات والعمداء والرتب العسكرية المختلفة، المتقاعدون، الذين تخرجوا من ارقى الكليات العسكرية في العالم، ومنها ساند هيرست، التي تخرج منها الملكان الهاشميان الحسين رحمه الله وعبدالله رعاه الله.
من المناطق الأردنية النادرة، التي لم يصبح منها وزير! رغم وفرة الكفاءات والخبرات المدنية والعسكرية، وهي حالة تدور في أوساط أهلنا وتكرههم على طرح سؤال الاستغراب المر: لماذا؟
أمس السبت، فتح الدكتور ممدوح العبادي نائب رئيس الوزراء، أبواب رئاسة الحكومة، واستقبل وفد أبناء سحاب، واستمع منهم الى عتبهم على بلدهم، والى مشكلات متعددة، ابرزها الكارثة البيئية التي تحيق بسحاب.
وتعالوا نعد على اصابعنا، مشكلات سحاب، التي ارتبط اسمها للأسف بالمقبرة، لا بالمدينة الصناعية ولا بالمرجلة والكرم والوطنية:
مناشير حجر تنفث الحمم والغبار الذي يلوث الهواء. سوق اغنام تفوح رائحته المقرفة يحتاج الى إعادة تأهيل وهو الآن مكرهة صحية يشكل بؤرة خطرة للمتوارين والفارين وارباب السوابق. الملوثات المنبعثة من المصانع التي لا تلتزم بالمعايير المحددة للسلامة من التلوث. محطة تكرير المجاري غير المربوطة بخطوط الصرف الصحي. جواريش البلاستيك المنتشرة بين الاهالي. ساحات تخزين عجلات الكاوتشوك و»طبالي» الخشب المتلفة. تنكات النضح التي تلقي بغاز الكلورين في المنطقة. ساحات تخزين الباصات والمركبات القديمة المشطوبة.
كيف يمكن ان يقف المسؤولون، وزراء وامناء عامون ومدراء عامون، على الخراب والتهتك والاعطاب والمشكلات البيئية، دون الزيارات الميدانية المتواصلة لكل انحاء المملكة؟
هما امران متلازمان: التشخيص والعلاج.
التشخيص تم.
فقد وصف حالة سحاب البيئية المزرية، الوزير الذي عاينها بشخصه. وسماها «سحاب منكوبة بيئيا». لقد وقف الحال المايل عند التشخيص الذي تم قبل سنتين مما يعني ان الوضع الذي لم يُعالج، قد تفاقم واصبح كارثيا.
فور التشخيص الفني المختص، يكون الشروع في العلاج، الذي يصبح اقل كلفة، والذي يزيل التوتر من أوساط أهلنا وينزع منهم الشعور بالتهميش، ويكون اكثر انسجاما مع اهداف الإدارة التي عليها واجب خدمة المواطن.
وحال سحاب المنكوبة بيئيا، ليس خاصا ولا مقصودا. وقد جئت على ذكرها هنا لاطلاعي المباشر على جزء من مشكلاتها، وافرح كثيرا لاهلنا وهم يشكلون وفودا لعرض مشكلاتهم على الوزراء، وتقديم مقترحات الحلول التي تساعد متخذ القرار على خدمتهم.
في الدبلوماسية، انت «موظف» ان كنت تعمل من الساعة 8 صباحا الى الساعة 4 عصرا. وانت «دبلوماسي» ان كنت تعمل من الساعة 8 صباحا الى الساعة 8 صباح اليوم التالي.
وهكذا هو صديقي الشرعي والوحيد، السياسي العريق الدكتور ممدوح العبادي، الذي خبرناه ناجحا بامتياز، في الكثير من المواقع، لان اداءه لم يكن أداء «الموظف» الذي يميز العطلة من الدوام والجمعة من الاثنين.
الدستور