بالطبع لم يمتلكني الذهول ولم يستبد بي العجب وانا اقرأ رسالة حيدر لدولة رئيس الوزراء فأخلاقيات العمل العام وتقاليد الموقع قد تراجعت إلى مستويات غير مسبوقة في ظل شيوع الهويات الفرعية والطبقية السياسية الوهمية على حساب الهوية الوطنية الجامعة ومنطق الاسرة الواحدة في المجتمع الاردني .
المشاركة السياسية والمتمثلة في الانتخابات والأحزاب والنقابات وغيرها حق لكل اردني ولكن الموقع العام واشغاله هو حق رسمه الدستور للسلطة التنفيذية تسأل عن هذا الحق امام مجلس النواب في اطار الرقابة السياسية للبرلمان , وهي في كل هذا عليها أن تأخذ بعين الاعتبار طبيعة المجتمع وتركيبته وظروفه السياسية والاجتماعية .
في الاخلاق الاردنية كان التباكي على الموقع العام بعد تركه نقيصة وكان الاردني الحر يأبى ان يتمسك بموقع رأى صاحب القرار ضرورة تركه مهما كانت ظروف القرار او مدى الاجحاف فيه فطالب الولاية لا يولى , ذلك انه حق للمواطن نقد الاداء وربما المطالبة باستقالة او اقالة من هم في الموقع العام اذا كان هناك مبرر ولكن ليس من حقنا توجيه الحكومة لتعين هذا او ابقاء ذاك لأن في ذلك افراغ لدور السلطة التنفيذية من محتواه ويلغي اساساً دستورياً في مساءلتها عن كثيرين كانوا في مواقع المسؤولية وخرجوا دون ان يجدوا سبب لخروجهم ولم يحتجوا لسبب بسيط هو انهم لا يجوز لهم احتكار الحقيقة في تقييم ادائهم من جهة ولأن فلسفة اشغال الموقع العام هي تقديم الخدمة النوعية المتميزة وليس للعيش والدخل والامتيازات .
في رسالة حيدر اكثر من احتجاج واكثر من فهم صارخ اولها ان الحملات التي تشن في هكذا امور انما هي محاولات لا تليق والواجب ان يربأ عنها رجال الدولة ان كانوا كذلك ومشاريع الشهادة الافتراضية ونضالات الكاميرات لم تعد تجد سوقاً في ضمائر الشعب فأباء الشهداء الحقيقين وامهاتهم واخوانهم ما زالوا في صفوف الفقراء يحدون للوطن وغاية أملهم ان يلقوا وجه ربهم مقبلين لا مدبرين .
في رسالة حيدر ناقوس خطر عنوانه ان الفساد السياسي يجد ضالته في هكذا ممارسات بقصد كانت او بغير ذلك فالدولة التي لا تقوم على المؤسسية وسيادة قانون انما هي دولة تائهة ضعيفة مرتبكة والقضاء دوماً هو ضمانة الحقوق ولا حاجة للاستقواء او الاستعلاء اما حب الوطن فهو عشق مفعم بالهيام الذي يأبى المقابل او البديل .
في رسالة حيدر تقزيم للوطنية التي يدعيها في شخص ابنه وفي رسالة حيدر استقواء على سلطة دستورية من رجل لم يغادر ربطة العنق , وفي رسالة حيدر فهم موجوع لثنائية متناقضة بين رسالته لدولة رئيس الوزراء وقصيدته لشاعر الاردن الكبير عرار .
رسالة حيدر وملاحظات غيرها فرصة لإعادة الاعتبار لأخلاقيات الموقع العام , وفرصة اخرى لإعادة تشخيص الخلل في مفهوم النخبة وبناءها على اسس موضوعية لا شخصية او عرقية , ووضع حلول حاسمة وحازمة للاستقواء على الدولة ومؤسساتها فلا جميل لأحد على الوطن والوطن لمن يعمل له لا لمن يعمل عليه .،،،،،،،،،