تعلم فاتن ان سر د.ابراهيم ليس في انه درس في الخارج وكتب عديد الابحاث وكان محررا لأفضل المجلات المتخصصة في الاقتصاد العالمي، وباحثا رفيعا، وهو خبير اقتصادي متخصّص في الاقتصاد السياسي للشرق الأوسط، تركّز أبحاثه على الاقتصادات الانتقالية، والتجارة الدولية مع التركيز على الأردن والشرق الأوسط، والحوكمة المؤسسية، واقتصاد سوق العمل.
زينة كل هذا العلم، أنه جاء من بيئة بسيطة، عرفت لون التراب، وانقطاع الماء والدراسة تحت برد الصفيح في المخيم، هي ذاكرة مرة بلا شك. استدان ابراهيم واقترض كي يأكل وجبة دسمة على الأرجح او لكي يدفع أجرة بيته. واظن انه لم ينام كثيرا قبل أن يقوى عوده.
وحين كان يدرس في الغرب في جامعة لندن اضطر ان يعمل بجريدة الشرق الأوسط، ولاحقا في مجلة الملجة حاله مثل غيره من الشباب المثابر، كل ذلك لكي يعيش وينفق على نفسه، فلا هو مبتعث من جامعة، ولا والده ملحق في سفارة، ولا جدة مقاول فاسد. ولا خالة تاجر لحوم.
لم يرفعه ارث والده ولا منصبه ولا علاقات والدته مع الساسة.
سر ابراهيم سيف انه فقير والفقر رفعه وجعله يطمح للعلم أولا واثبات الذات، كل ما انجزه من صنع يديه.
سر ابراهيم يا فاتن انه غير متعالي وليس نزق ولا يحتقر الناس. وسره انه يستحي من ابوه وأمه إذا قصر بشيء. ولا يمثل على الناس فيزور قبر ابيه مرة واحدة لما صار بموقع هام لكنه صغره ليصبح اشبه بمسؤول مقصف المدرسة!
سر ابراهيم سيف انه جاع مثل كثير من الأردنيين، ولم يسرق او يبيع مبادئه ولم يلوث نفسه، بل ظل هو ابراهيم ابن عمان والمخيم والاردن وابن الفاقة والعوز.
سر ابراهيم سيف يا فاتن انه كتب أبحاث بالإنجليزي وذات قيمة ، اما غيره ممن تخرجوا برعاية وابتعاث الدولة لا نعرف تخصصهم ولم يكتبوا بحثا واحدا. وسره انه لم يبحث عن هيبة منزوعة وصلاحيات مفقودة بل عمل في وزارته بهدوء وانجز الكثير.
ابراهيم سيف لا يواجه ضحك من يجتمع بهم بالخبط على الطاولة ويقول انا الرئيس وانا اللي بأمر وبنفذ . في مشهد بكائي مفجع.
سر ابراهيم سيف لما زرته وهو وزير تخطيط طالبا دعم لمكتبة الجامعة الأردنية وكانت الكعكة خلصت من المنحة الخليجية، قلت له يا د. ابراهيم هاي المكتبة مش طريق نفتحها ونزفتها وبعد سنة نغير خلطتها وقد بدأنا نعمل مشروع " آر افي دي " فلم يقصر ودعم المشروع بمبلغ 50 ألف دفعة أولى وعلى ان تلحق به دفعة ثانية بنفس القيمة.
يومها رافقني جمعة صديقي وأخي ابن مخيم البقعة. وقلت له ان جمعة معي في الخارج ينتظر، فرفض إلا أن يأتي جمعة ويسلم عليه وأصر أن يضيفنا، فرح يومها جمعة؛ ذلك ان ابن المخيم الذي تفوق وصار وزيرا ظل كما هو اصيلا ومتواضعا، يومها عدنا بأكبر دعم لمكتبة الجامعة الأردنية فشكرا ابراهيم ابن البقعة و الأردنية والاردن.
شكرا لابن البقعة الشهم والنظيف...
هذا هو سره يا فاتن، إنه يشبهنا ولا يشبه ابنائك الغر الميامين المثقلين بالفساد والغباء والبؤس
سره انه لا يشرفه العمل مع مهزوزين ورقاصين.