الشماغ الأحمر ليس رمزا وطنيا أردنيا
هاني العزيزي
20-12-2008 09:39 PM
لكل دولة رموزها الوطنية التي تعتز بها ، والتي تشير إلى تاريخها وحضارتها ، وتشكل معلما أساسيا لوجودها ككيان سياسي على خارطة المنطقة والعالم . ويعتبر علم الدولة ، وشعار الدولة الذي يعلو كتبها الرسمية وتحمله أختامها الرسمية ، وكلمات نشيدها الوطني وموسيقاه رموزا وطنية يحترمها المواطن ويدافع عنها ، وعلى الآخرين احترام رموز الغير ، ومن ذلك يعتبر حرق علم دولة ما ، أو تمزيقه إهانة عظمى للدولة صاحبة العلم ، ويتبع الرموز سالفة الذكر رموزا وطنية أخرى كشعار القوات المسلحة وراياتها ، وأعتقد أن اعتبار البعض الشماغ الأحمر رمزا وطنيا أردنيا - وأن الشماغ الأسود رمزا وطنيا فلسطينيا - هو أمرا غير صحيح . وأرى في السطور التالية ما يبرر قناعتي بعدم اعتبار الشماغ الأحمر والشماغ الأسود رموزا وطنية .
1. تحدد الدساتير والقوانين والتشريعات الرموز الوطنية كالعلم وشعار الدولة ، ولا توجد أي إشارة للشماغ كرمز وطني معتمد يبين مواصفاته وأبعاده وألوانه وما نحو ذلك ( وكذلك الزهرة الوطنية والطير الوطني ) .
2. لا توجد عقوبة لمن يلقي شماغا أحمر أو أسود على قارعة الطريق ، ولا تفرض عقوبة ما من تتحزم تتحزم بشماغ ما وترقص به ( على سبيل المثال) .
3. لا تشترك الدول في شعاراتها الوطنية ، فكل دولة تنفرد في مواصفات علمها وشعارها الرسمي ، وإن تشابهت في مكوناتها من ألوان وأبعاد ورموز ، ومن ذلك أن عدد سكان السعودية 28.1 مليون نسمة ( تقدير منتصف العام الحالي ) والشماغ الأحمر غطاء الرأس المستخدم هناك ‘ ويبلغ عدد سكان الأردن 5.8 مليون نسمة ، وبذلك يبدو أن عدد سكان السعودية ، ونسبة الذكور الذين يستخدمون غطاء الرأس أضعاف ما يستخدمونه في الأردن ، ومع ذلك لا يعتبر رمزا وطنيا سعوديا . وينسحب الحال على الشماغ الأسود ، إذ يبلغ عدد سكان سوريا 19.9 مليون نسمة ، ولا يعتبر الشماغ الأسود رمزا سوريا رغم استخدامه هناك ، فكيف يعتبر رمزا فلسطينيا وعدد سكان الضفة والقطاع 4.2 مليون نسمة أي ما يقرب من ربع سكان سوريا ؟ . فالشماغ الأحمر ليس حكرا على الأردنيين أو السعوديين ، والشماغ الأسود ليس حكرا على الفلسطينيين أو السوريين .
4. يستخدم الشماغ من قِبل كبار السن عادة ، فكيف يكون الرمز الوطني لفئة من الشعب دون غيرها ، فالعلم للجميع وشعار الدولة للجميع .
5. تستخدم قلة من الأردنيين الشماغ طوال العام ، وتكاد تنحصر ببعض كبار السن ، ويقبل الشباب على إستخدامه أيام البرد فقط . فكيف تكون الرموز الوطنية فصلية الاستخدام ؟ الرمز الوطني قائم طوال العام وعلى الدوام .
6. لا يستخدم الشماغ في الأردن عادة دون عقال ، والسؤال : لماذا أكتسب الشماغ دون العقال هذه الأهمية المفترضة ، رغم أنه يعلو الشماغ فوق الرأس .
7. القوات المسلحة والشماغ : رغم استخدام القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي- للشماغ الأحمر كغطاء رسمي للرأس ردحا من الزمن ، واستخدامه حاليا في مناسبات ومواقف بعينها فقد استخدم الحرس الوطني والفرسان وكانا من التنظيمات العسكرية الأردنية شماغا أصفر اللون تقريبا إبان عقود خلت ، ولا ذكر له الآن ، لأن مصدر احترام الشماغ ومكانته ليس لونه أو نسيجه بل شعار الجيش العربي الذي يعلو عقاله . وإن كان للشماغ الأحمر مكانة خاصه لارتدائه من قبل العسكريين فلماذا لا توجد مكانة خاصة لـ " البوريه " أليست ترتدى من قبل العسكريين أيضا ؟ .
أرى أن نعلم الأبناء تاريخ ومواصفات العلم الأردني ، وشعار المملكة ( مكوناته وما يرمز إليه ) ، وكلمات السلام الملكي ومؤلف هذه الكلمات ، وملحن موسيقاه ، وأدب وأصول التعامل مع الرموز الوطنية كافة عوضا عن الاكتفاء بالتباهي بلون شماغ معين أحمر أو أسود أو غيره ، يتدلى من خصر " دبيك " أو جيد فتاة ، لا لشيء سوى مناكفة حامل شماغ من لون آخر .
haniazizi@yahoo.com