انتقاء القيادات التربويه الفاعلة
فيصل تايه
17-06-2017 06:07 PM
ما تواجهه المجتمعات المعاصرة من تطورات يشكل موجة غير مسبوقة من التحديات تلقي بظلالها لتشمل كافة مناحي الحياة ، وأمام ذلك كان لا بد من التغيير والتطوير للأساليب الإدارية المنتهجة من خلال تُغير فلسفتها الإدارية الحاكمة لتكون مناسبة مع الواقع الإداري الذي أفرزته مجمل التغيرات والتطورات السريعة ، الأمر الذي يؤدي الى بروز مجموعة من الفرص والتهديدات والتي بدورها يمكن أن تشكل مفترق طرق ، فإما إلى تقدم وازدهار ، وإما إلي تدهور وانحدار ، فإذا لم نسعى إلى استغلال الفرص ومواجهة التهديدات أصيبنا بالفشل، وإذا نجحنا في استغلال ما يتاح لها من فرص وصلنا الى تحسين وتجويد العمل لننتقل من حالة السيطرة الإدارية إلى إدارة الأداء ، ومن زيادة كم المخرجات إلى تحسين جودة الخدمات ، ومن تقييم مدى سلامة الإجراءات إلى المساءلة عن النتائج ومستويات الأداء ، وهذا يتطلب وجود قيادات فاعلة تعي تماما حجم مجمل التحديات بكل ارهاصاتها وتعقيداتها ..
القطاع التربوي الحكومي يعاني على وجه الخصوص من تحديات حرجة مؤثرة تتمثل في الصورة الذهنية السلبية بشأن مستوى جودة العمل القيادي ، وتتكون تلك الصورة الذهنية من خلال تراكمات تاريخية مستمرة ومتصلة بأداء العاملين في المناصب القيادية الحكومية ومخرجات عملهم بالمجمل ، وتنبع هذه الصورة من العمل الروتيني القائم دون ايه ممارسات ابداعيه خلاقة جراء عدم القيام بالدور الحقيقي كقادة تربويين وليس كإداريين وذلك لقلة الادراك بالدور القيادي وأثره في مستقبل العمل .
اننا بحاجة الى استنبات قيادات ميدانية فاعلة ، وليس ذلك في ضوء مخرجات أكاديمية فقط ، فالقائد لا يصنع لأنه يتمتع بصفات شخصية أكثر بكثير من الاعتبارات المكتسبة ، لان المواصفات المطلوبة هي شخصيات قيادية ذات سلوكيات ومواقف فاعلة ومؤثرة ، تسعى إلى غرس قيم ومعايير منسجمة مع الذات والجماعة ، وهي في هذه الحالة تحقق حالة الانتماء للمهنة والمركز الوظيفي الذي نحن في أمس الحاجة إليه تحقيقا للأهداف المنشودة ..
وإذا كانت التربية في مفهومنا المعاصر هي تشكيل الإنسان الذي يواجه تحديات عصره ، فان ما يصوغ سياساتها وأهدافها وبرامجها في وزارة التربية والتعليم هو القائد الذي يتحمل المسؤولية الأولى في صناعة القرار، وهو ما يمثل الصف الأول في العملية الإدارية ، وإذا كان من يتبوأ هذا المنصب لا يخرج عن طور وحدود العمل الإداري ، فانه غير جدير بمهمة المسؤولية التي تقع عليها صناعة الإنسان ، وعملية خلق المواطن الصالح ، من هنا فان أي تراجع في العملية التربوية تعود إلى الفقر في وجود قيادات تربوية لأسباب لا مجال للخوض فيها ، لان مسؤولية التطوير تقع على عاتق القيادي الذي يبتكر ويبدع ، ويعمل على توليد الأفكار ويؤثر بعكس الإداري الذي لا يجيد إلا عملية التنفيذ ، وهذه الحالة تحتاج إلى قيادات وليس لإدارات، فهل نحن قادرون على خلق قيادات تربوية تملك القدرة والإرادة على التغيير وصولٱ إلى ما نصبو إليه بعيدا عن حالة تعبئة الشواغر فقط .
المؤسسات التربوية الاردنية زاخرة بكفاءات تربوية قيادية متميزة وخلاقّة ، والميدان التربوي قادر على الكشف عن هذه الكفاءات ، ومن الضروري الاستفادة من كل الخبرات ، والعمل دوماً على التجديد في المواقع الإدارية لمن يستحق ، وتشجيع الأفراد القادرين على العطاء وتوليد الافكار ، وتعزيز توجهاتهم التنويرية المتميزة والمتنوعة، والتخلص من كل التكلسات التي أصابت مفاصل العملية التربوية ومناحيها المختلفة ، بدلاً من أن تحمل مؤسساتنا التربوية على أكتافها من باتوا عقبة في طريق تقدم المسيرة ، ممن يعملون لذاتهم أكثر من العمل لإداراتهم ، وكل أعمالهم تحكمها الذات المشبعة بالأنانية الضيقة ، وبالتالي هم عقبة في طريق توجهات المسؤول الذي يملك رؤيا واضحة لأداء العمل ، اضافة الى الأخذ بعين الاعتبار الاستعانة بالطاقات والكوادر التربوية من خارج الوزارة للعمل على رفد المسيرة التربوية ، والمساعدة على أن تكون مجمل هذه الخبرات والكوادر في خدمة عملية التطوير المنشودة ، لأن التربية ليست مسؤولية وزارة التربية والتعليم فحسب ، بل هي مسؤولية المجتمع ، والعديد من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية من مؤسسات المجتمع المدني المختلفة والتي باستطاعتها دعم مسيرتنا التربوية النبيلة .
وللحديث بقية