خلافٌ داخل الخليّة نفسها. وعلى ماذا؟ على "المزرعة" طبعاً، التي نَحْنُ فيها عبيدٌ، وأولادنا أقنانٌ، وأحفادنا عمّالُ سُخْرة. نجوعُ، ونحرثُ، ونحصدُ، فيجني المستشارُ والمديرُ رواتبَ وامتيازاتٍ وحظوات..!
شاعرُ السلطة حيدر محمود، يهاجمُ رئيسَ السلطة التنفيذية هاني الملقي، والسببُ أنّ رئاسةَ الوزراء، رفضتْ تجديدَ عقدِ المستشارِ فيها عمَّار حيدر محمود، فغضبَ الأبُ غضبةَ شاعرٍ، واستنكرَ الإطاحةَ بنجلهِ، في حين هبطَ فوزي هاني الملقي على مطار الملكة علياءِ الدولي، مديراً للخدماتِ فيه، قَبْلَ أسابيع.
أرسلَ الشاعرُ للرئيس، مستغرباً إقالةَ ابنهِ المستشارِ في الحكومةِ منذُ 2009، وكتبَ: "شكراً للدولةِ، التي تُعيِّنُ ابنَ الرئيس في المنصبِ الذي يشتهيه.. سواءً أكانَ يستحقهُ، أو لا يستحقهُ، وتطردُ ابنَ شاعرها، الذي كانَ، وما يزالُ، مشروعَ شهيدٍ لها، منذُ أنْ كان".
طبعاً، حيدر محمود، شاعرٌ غنائيٌّ مبدع، ومتمرِّسٌ في المديح. ودائماً كانَ مُقرّباً من الدولة، ووزيراً، وسفيراً، وعضوَ مجلسَ أعيان، ولا أعرفُ إذا كانت هذه المناصبُ، وتلك الحظوةُ، تؤهّلهُ ليكونَ "مشروعَ شهيد"؟!
ما علينا. هذه أسرارُ الخليّةِ، ونواميسها. يُضيفُ الشاعرُ في رسالتهِ الخطيّة إلى الرئيس: "إنّ فلذاتُ أكبادكم، ليست أعزُّ من فلذاتِ أكبادنا، إلا إذا كانَ لونُ الدم الذي يجري في شرايينها من فصيلةٍ أخرى".
هذا كلامٌ دقيقٌ، فوزي هاني الملقي ليسَ أفضل من عمَّار حيدر محمود، والدمُ واحدٌ. دمٌ لا يجري في شرايين بناتِ الأردنيين وأولادهم، المصلوبين في قوائمِ ديوانِ الخدمة المدنية، منذُ سنوات. في المناسبة، الديوانُ أعلنَ أمس أنّ الشهرَ المقبلَ موعداً نهائياً للمتقدمين، في بلاد "العدالةِ، وتكافؤ الفُرص". وهو الديوانُ نَفْسَهُ الذي تجاهله عبدالله النسور وعاطف الطراونة، قبل عامين، وعيَّنا الأقاربَ والأنسباءَ، فتدفقتْ إلى الوظائفِ دماءٌ أخرى، من شرايين أخرى.
ما علينا أيضاً، فهذه بلادٌ مصابةٌ بالزهايمر. يختمُ الشاعرُ المدهشُ في بلاغته الرسالةَ، بالدعاء: "قاتلَ اللهُ الظلمَ، ولعنَ الظالمينَ، بجاهِ ليلةِ القَدْرِ التي نزلَ فيها القرآن".
آمين أيُّها الشاعرُ..
آمين أيُّها الرئيسُ..
آمينُ يا "زيتونَ برما الداشر"..
"تبرطعوا" في بلادنا، أيُّها السادةُ. وَمَنْ مثلكم، يا "مشاريعَ الشهادة"..
* منقول عن باسل الرفايعه