الإرهاب ضدّ الإنسان والإنسان ضدّ الإرهاب
محمد الداودية
15-06-2017 04:27 AM
الأحداث المأساوية، التي تقع في أرجاء المعمورة، وتودي بحيوات اخواننا في الانسانية، توجعنا، وتستدعي منا التضامن والمواساة وارسال الفرق الطبية والمعونات العاجلة حين تقتضي الاحداث، وتستدعي مشاطرة البشر أحزانهم، سواء أكانت تلك الأحداث المأساوية، نتيجة جريمة ارهابية، او كانت ناجمة عن حريق او زلزال او كارثة جوية.
أوجعنا وآلمنا، الحريق الضخم، الذي التهم فجر امس الاربعاء، برج «جرينفيل» السكني المكون من 27 طابقا غربي العاصمة البريطانية لندن، انه حريق مصيبة، يؤلمنا ان يقع ولا نملك إلا أن نسأل الله عزّ وجلّ، الرحمة لمن قضى فيه، واللطف بالناس الذين اصيبوا وتشوهوا في لهيبه.
كتبت وسماً على صفحة الزميل الاستاذ الصحافي الاردني البريطاني، نصر المجالي على الفيسبوك اسأل الله اللطف، فارسل لي احدهم على الخاص، أنّ المصابين ليسوا مسلمين وان الترحم وطلب اللطف لهم ليس جائزا.
قلت له: انني اتردد في الرد عليك. وقلت: إنني لا املك مفاتيح الرحمة وإنّ كل ما أملك في هذا المقام، هو أن أرجو الله وأن اتضرّع اليه، ان يرحم الضحايا، وهو صاحب الشأن، في ان يرحم او لا يرحم.
وأن لي، ومن حقي، ان اتضرع الى ربي، وان اطلب اللطف منه. وقلت له: إن لك، ومن حقك، ان تطلب الهلاك ونيران جهنم، إضافة الى نيران جرينفيل» وان تطلب لهم التعامل بالعنف، والله جل وسما، هو مالك الملك والقرار، في طلبينا، وفي غيرهما من الطلبات والتضرعات.
تلك حكاية منتشرة متكررة، في كل حدث مشابه، وخاصة في المقارفات الإرهابية الاجرامية. لا يكتفي امثال هذا بعدم الترحم ولا بمحاولة توجيهك و»الاستذة»، بل يمارس على الملأ، الدعاء بالهلاك، والتشفي بالضحايا الابرياء المسالمين.
و كي لا نتوه، فإن دعاء البعض بالهلاك على ضحايا العمليات الارهابية، هي قاعدة ونهج وتوجه، لا يشمل غير المسلمين فحسب، بل يشمل المسلمين ويشمل المواطنين.
فقد رفض أئمةُ مساجد عندنا، يحرس الجنود الشهداء اعراضهم وارزاقهم وحيواتهم، رفضوا الصلاة عليهم في مساجدنا ورفضوا الدعاء بالرحمة لهم.
كنت سفيرا في جاكرتا حين حلت الذكرى الاولى لتفجيرات فنادق عمان سنة 2005 التي استشهد فيها عازفٌ اندونيسي واحد، صدف ان كان على دين السيد المسيح.
ذهبت مع زوجتي ام عمر إلى الكنيسة في جاكرتا، في ذكرى استشهاد الموسيقار السنوية الاولى، وألقيت كلمة في الحضور قلت فيها، إن الإرهاب لا يستهدف دينا محددا، ولا عرقا محددا، بل يستهدف الإنسان. وقلت لهم لقد استشهد في تلك التفجيرات 65 اردنيا مسلما، واستشهد واحد فقط، على دين السيد المسيح في هذه التفجيرات.
الدستور